مالي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ - علي الجارم
مالي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ
                                                                            وسَلَوْتُ كُلَّ مَلِيحَة ٍ إِلاَّكِ
                                                                    يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمَامَ صَبَابتي
                                                                            ومَضَلَّتِي وهُدَاي في يُمْنَاكِ
                                                                    فَإِذا وَصَلْتِ فَكُلُّ شَيْءٍ باسِمُ
                                                                            وإذا هَجَرْتِ فكلُ شَيْءٍ باكِي
                                                                    هذا دَمِي في وَجْنَتَيْكِ عَرَفْتُهُ
                                                                            لا تَستَطِيعُ جُحُودَهُ عَيْنَاكِ
                                                                    لو لم أَخَفْ حَرَّ الْهَوى وَلَهِيبَهُ
                                                                            لَجَعَلْتُ بَيْنَ جَوَانحي مَثْوَاكِ
                                                                    إِنِّي أَغارُ منَ الْكُؤوسِ فَجنِّبِي
                                                                            كَأْسَ الْمُدَامَة ِ أَنْ تُقَبِّلَ فَاكِ
                                                                    خدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَا
                                                                            قد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْتِ حُلْوَ لمَاكِ
                                                                    لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِكِ نَشْوة ٌ
                                                                            سَحَرَ الأَنَامَ بِفِعْلِها عِطْفَاكِ
                                                                    قالَتْ خَلِيلتُها لها لِتُلِينَها
                                                                            ماذا جَنَى لَمَّا هَجَرْتِ فَتَاكِ
                                                                    هِيَ نَظْرَة ٌ لاقَتْ بِعَيْنِكِ مِثْلَهَا
                                                                            ما كَانَ أَغْنَاهُ وما أَغْناكِ
                                                                    قد كانَ أَرْسَلَهَا لِصَيْدِكِ لاهِياً
                                                                            فَفَررْتِ مِنْهُ وعادَ في الأَشْرَاكِ
                                                                    عَهْدِي بِه لَبِقَ الْحدِيثِ فَمَالَهُ
                                                                            لا يَسْتَطيعُ الْقَوْلَ حِينَ يَرَاكِ
                                                                    إِيَّاكِ أَنْ تَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
                                                                            عَرَفَ الحياة َ بحُبِّهِ إِيَّاكِ
                                                                    إنَّ الشَّبَابَ وَدِيعَة ٌ مَرْدُودَة ٌ
                                                                            والزُّهْدُ فِيهِ تَزَمُّتُ النُّسَّاكِ
                                                                    فَتَشَمَّمِي وَرْدَ الْحياة ِ فَإِنَّهُ
                                                                            يَمْضِي ولا يَبْقَى سِوَى الأَشْوَاكِ
                                                                    لم تُنْصِتي وَمَشَيْتِ غَيْرَ مُجِيبَة ٍ
                                                                            حَتَّى كأَنَّ حَدِيثَها لِسِواكِ
                                                                    وَبَكَتْ عَلَيَّ فما رَحِمْتِ بُكاءَها
                                                                            ما كانَ أَعْطَفَهَا وما أَقْساكِ
                                                                    عَطَفَتْ عَلَيَّ النَّيِّرَاتُ وساءَلَتْ
                                                                            مَذْعُورَة ً قَمَرَ السَماءِ أَخاكِ
                                                                    قالَتْ نَرى شَبَحَا يَرُوحُ ويَغْتَدِي
                                                                            ويَبُثُّ في الأكْوانِ لَوعَة َ شاكِي
                                                                    أَنَّاتُ مَجْرُوحٍ يُعالِجُ سَهْمَهُ
                                                                            وزَفِيرُ مأسُورٍ بِغَيْرِ فَكاكِ
                                                                    يَقْضِي سَوادَ الَّليْلِ غَيْرَ مُوَسَّدٍ
                                                                            عَيْنٌ مُسَهَّدَة ٌ وقَلْبٌ ذاكِي
                                                                    حَتَّى إذا ما الصبْحُ جَرَّدَ نَصْلَهُ
                                                                            الْفَيْتَهُ جِسْمًا بِغَيْرِ حَراكِ
                                                                    إِنَّا نكادُ أسًى عَلَيْهِ ورَحْمَة ً
                                                                            لِشَبابِهِ نَهْوى مِنَ اْلأَفْلاكِ
                                                                    مِنْ عَهْدِ قابِيلٍ ولَيْسَ أمامَنا
                                                                            في الأرضِ غيْرُ تَشاكُسٍ وعِراكِ
                                                                    ما بَيْنَ فَاتِكَة ٍ تَصُول بِقَدِّها
                                                                            وفَتًى يَصُولُ بِرُمْحِهِ فَتَّاكِ
                                                                    يا أرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِري
                                                                            وكَفَاكِ مِنْ تِلْكَ الدِماءِ كَفَاكِ
                                                                    في كلِّ رَبْعٍ مِنْ رُبُوعِكِ مَأْتَمٌ
                                                                            وثَوَاكِلُ ونَوادبٌ وبَواكِي
                                                                    قد قامَ أَهْلُ الْعِلْم فِيك ودَبَّرُوا
                                                                            بِرَئَتْ يَدِي مِنْ إِثمِهِمْ ويَداكِ
                                                                    كاشَفْتِهِمْ سِرَّ الْعَناصِرِ فَانْبَرَوْا
                                                                            يَتَخَيَّرُونَ أمَضَّها لِرَداكِ
                                                                    نَثَرُوا كنانَتَهُمْ وكُلَّ سِهامِها
                                                                            لِلْفَتْكِ والتَدْمِيِر واْلإِهْلاكِ
                                                                    دَخَلُوا عَلَى العقبانِ في أوْكارِهَا
                                                                            وتسَرَّبُوا لِمَسابِحِ الأسْمَاكِ
                                                                    فَتَأَمَّلي هَلْ في تُخُومِكِ مَأْمَنٌ
                                                                            أَمْ هَلْ هُنالِكَ مَعْقِلٌ بِذُرَاكِ
                                                                    ظَهْرُ الُلُيوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكبٍ
                                                                            أَوْفَى وأَكرَمُ مِنْ أَدِيمِ ثَراك
                                                                    لَيْتَ الْبِحارِ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّرتْ
                                                                            أو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَماءَ طَوَاك
                                                                    لم يَبْقَ في اْلإِنْسانِ غَيْرُ ذَمائِهِ
                                                                            فَدَراكِ يارَبَّ السَماءِ دَراك
                                                                    وإِذا النُفُوسُ تَفَرَّقَتْ نَزَعاتُها
                                                                            قامَتْ إِذا قامَتْ بِغَيْر مَساك
                                                                    والسَيْفُ أَظْلَمُ ما فَزِعَتْ لِحُكْمِه
                                                                            والْحَزْمُ خَيْرُ شَمائِلِ الأَمْلاكِ
                                                                    ومِنَ الدماءِ طَهارَة ٌ وَعدالَة ٌ
                                                                            ومِنَ الدماءِ جِنايَة ُ السُّفّاكِ
                                                                    والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياة ِ فإِنْ هَوَى
                                                                            هَوَتِ الْحَياة ُ لأَسْفلِ الأَدْرَاك