جَمَعَ الشُّجُونَ وَبدَّدَ الأَحْلاَمَا - علي الجارم

جَمَعَ الشُّجُونَ وَبدَّدَ الأَحْلاَمَا
خَطْبٌ أَنَاخَ بَكلْكَلٍ وأَقَامَا

أَخْلَى الكِنَانَة َ مِنْ أَمَرِّ سِهَامِها
عُوداً وَرَاع النِيلَ والأَهْرَاما

وعدَا عَلَى رَوْضِ الشَّبابِ وظِلِّه
فَغَدا بِه رَوْضُ الشَّبَابِ حُطَاما

غُصْنَان هَزَّهُمَا الصِّبَا فتَمَايلا
وسَقَاهُما الأَمَلُ الرَّوِيُّ جِمَاما

نَجْمان غالهُما الزَّمانُ فأصْبحَا
بَعْدَ التَّألُّق والسُّطُوعِ رُكَاما

نَسْران لو رَضِيَ القَضَاءُ لحلَّقا
دَهْراً على أُفُقِ الدِّيارِ وَحَاما

اِبْكِ الشَّبَاب الغَضَّ في رَيْعَانِه
وأَفِضْ عَليه مِنَ الدُّمُوعِ سِجَاماَ

وانثر أزاهيراً على الزهرالذي
كانت له كل القلوب كمامَا

وابْعَثْ أَنينَكَ للسَّحابِ شِكَاية ً
فإلاَمَ تحْتَبِسُ الأَنِينَ إِلاَما

لَهْفِي عَلَى أَمَلٍ مَضَى في لَمْحَة ٍ
لَوْ دَامَ في الدُّنْيا السُّرُورُ لَدَاما

لمْ نَشْكُرِ الأَيَّامَ عند بَرِيقِه
حَتَّى أَخَذْنَا نَشْتَكِي الأَيَّاما

لم تَلْمَحِ الْعَيْنُ الطَّمُوحُ شعُاعَه
حَتَّى رَأَتْ ذَاكَ الشُّعاعَ ظَلاَما

حَجَّاجُ لاقيْتَ اليقينَ مُكَافِحاً
بَطَلاً وياشُهْدِي قَضَيْتَ هُمَاما

رَكِبَا الهَوَاءَ وكلُّ نفْسٍ لَو دَرَتْ
غَرَضٌ تَنَازَعُهُ المنُونُ سِهَاما

والمَوْتُ يَلْقَى الأُسْدَ في عِريسِها
ويَغُولُ حَوْلَ كِناسِها الآرَاما

لا الدِّرْعُ تُصْبِحُ حينَ تَبْطِشُ كفُّه
دِرْعاً ولاَ السَّيْفُ الْحُسَامُ حُسَاما

رَكِبَا جَمُوحَ الْجَوِّ يَلْوِي رَأْسَه
كِبْراً ويَأْنَفُ أَنْ يُنيلَ زِمَاما

في عاصِفَاتٍ لم تُزَعْزِعْ مِنْهُما
عزْماً كَحَدِّ السَّيْفِ أَوْ إِقْدَاما

والْجَوُّ أَكْلَفُ والسَّماءُ مَرِيضَة ٌ
واللَّيْلُ دَاجٍ والْخُطُوبُ تَرَامَى

والمْوتُ يَخْفِقُ في جَنَاحَيْ جَارِحٍ
مَلأَالفَضَاءَ شَرَاسَة ً وعُرَاما

بسَمَا إلى الْخَطْب العَبُوسِ وإنّما
يَلْقَى الكميُّ قَضَاءَه بَسّاما

لَهْفِي عَلَى البَطَلين غالَهُما الرَّدَى
لَمْ يَمْلِكا دَفْعاً ولاَ إِحْجَاما

المَوْتُ تَحْتَهما يَصُولُ مُخَاتِلاً
والمَوتُ فوقَهما يَحُومُ زُؤَاما

ثَبَتَا لِحُكْمِ اللّه جَلَّ جَلاَلهُ
والْخَطْبُ يَلْقَاه الكِرَامُ كِرَاما

والسَّيْفُ أَكْثَرُ ما يُلاقِي حَتْفَه
يومَ الكَرِيهة ِ صَرماً صَمْصَاما

قد يُنْسىء ُ المَوتُ النِّمالَ بِجُحْرِها
ويَغُولُ في آجَامِه الضِّرْغَاما

ياهَوْلَها من لَحْظَة ٍ لا نَارُها
بَرْدٌ ولاَ كَان اللَّهِيبُ سَلاَما

هَلْ أَخْطَرا فِيها عَلَى بَالَيْهما
النيلَ والآباءَ والأَعْمَاما

والمَوْطِنَ الصَّدْيَانَ يَرْقُبُ عَوْدة ً
وَيْلاَه قَدْ عادَا إِليهِ رِمَاما

أَتَقَاسَما فيها الوَدَاعَ بلَفْظَة ٍ
أَمْ لَمْ تَدَعْ لَهُما المَنُونُ كلاَما

هل فكَّرا في الأُمِّ تندُب حَظَّها
والزَّوْجِ تُسْكِتُ وَالهِينَ يَتَامَى

إنّ السَّلامَة َ قد تَكونُ مَذَلَّة ً
ويَكُونُ إقْدامُ الجريء حِمَاما

والمرءُ يَلْقَى باختيارِ كِلَيْهِما
حَمْداً يُحلِّقُ بِاسْمِه أَوْ ذَاما

والمَجْدُ يَعْتَدُّ الْحَيَاة َ قَصِيرة ً
ويَرَى فَناءَ الْخَالِدِين دَوَاما