أيتها الأشباح - علي محمود طه
لم أفبلت في الظّلام إليّ ؟
و لماذا طرقت بابي ليلا؟
لات حين المزار أيّتها الأشـ
ـباح فامضي فما عرفتك قبلا!
***
أتركيني في وحشتي و دعيني
في مكاني بوحدتي مستقلا
لست من تقصدين في ذلك الوا
دي فعذرا إن لم أقل لك أهلا!
***
لا تطيلي الوقوف تحت سياجي
لن تري فيه للثّواء محلاّ
ضلّ مسراك في الظّلام فعودي
و احذري فيه ثانيا أن يضلاّ
***
ذاك مأوى في تخوم الفياقي
طلل واجم عليك أطلا
قد تخلّيت عن زماني فيه
وهو بي عن زمانه قد تخلّى
***
لن ترى من خلاله غير خفّا
قشعاع يكاد في اللّيل يبلى
و خيال مستغرق في ذهول
بات يرعى ذباله المضمحلا
إبرخي بهوه الكئيب فما فيـ
ـه لعينيك بهجة تتجلّى
قد نزلت العشيّ فيه على قفـ
ـر جفته الحياة ماء و ظلاّ!
***
كان هذا المكان روضا نضيرا
جرّ فيه الرّبيع بالأمس ذيلا
كان فيه زهرا فعاد هشيما
كان فيه طير و لكن تولّى
***
فاسلمي من شقائه و دعيه
و حده يصحب السّكون المملا
و اطرقي غير بابه ، إنّ روحي
أحكمت دونه رتاجا و قفلا!
***
أ وقوفا إلى الصّباح ببابي!؟
شدّ ما جئته غباء و جهلا !
أبعدي من وراء نافذتي الآ
ن ورفقا إذا انثنيت و مهلا !
***
إنّ من تحتها هزازا صريعا
سامه البرد في العشيّة قتلا
و أزاهير حوله ذابلات
مزّقتها الرياح في اللّيل شملا
***
كان لي في حياتها خير سلوى
فدعيني بموتها أتسلّى
فهي بقايا صبابة و دموع
جثيا عندها شعاعا و طلاّ
***
إنّ عيني بها أحقّ من المو
ت و قلبي بها من القبر أولى
جنّ قلبي فاستضحكته المنايا
حيث أبكتني الحقيقة عقلا
***
لا تطيلي الوقوف أيّتها الأشبـ
ـاح فامضي فما رأيتك قبلا
أو لم تسمعي؟ جهلتك من أنـ
ـت ! فعودي فما كذبتك قولا !!