أندلسية - علي محمود طه
حسنك النّشوان و الكأس و الرّويّه
جدّدا عهد شبابي فسكرت
حلم أيّام و ليلات وضيّه
عبرت بي في حياتي و عبرت
أنا سكران و في الكأس البقيّه
ايّ خمر من جنى الخلد عصرت
آه ، هاتي قرّبي الكأس إليه
و اسقينا أنت يا أندلسيّه
***
لا تقولي أيّ صوت ملهم
قاد روحينا ، فجئنا ، و التقينا
دمك المشبوب فيه من دمي
روح ماض بالهوى يهفو إلينا
أخت روحي ! قرّبيها من فمي
إن شربنا أو طربنا ما علينا
آه هاتيها من الحسن جنيّه
و اسقينا أنت يا أندلسيّه
***
كانت النّظرة الأولى نظرتين
ثم صارت لفظة ما بيننا
و الهوى يعجب من مغتربين
لم يقل أنت .. و لا قالت ..أنا
و سبحنا فوق واد من لجين
تحت أفق من غمام و سنى
أتملاّها سمات عربيه
و أنادي أنت يا أندلسيه
***
صحت يا للشّمس في ظلّ النغيب
تلثم الزّهر و أوراق الشّجر
خلتها بين محبّ و حبيب
قبلة عند وداع و سفر
فانثنت تنظر للوادي العجيب
صورا يذهبن في إثر صور
و بسمعي همسة منها شجيه
و بروحي أنت يا أندلسيه
***
و نزلنا عند شط من نضار
و انتحينا خلوة بعد زحام
قلت و اللّيل بأعقاب النّهار :
ألك اللّيلة في لحن و جام ؟
ما على مغتربي أهل و دار
إن دار ها هنا كأس مدام
آه هاتيها كخديك نقيه
و اسقنيها أنت يا أندلسيّه
***
و احتوتنا بين لحن مطرب
حانة مثل أساطير الزّمان
صوّرت جدرانها بالذّهب
فتن العشق و أهواء الحسان
قالت : اشرب قلت لبيك اشربي
ملء كأسين فإنّا ظامئان
خمرة رومية أو بابلية
إسقينا أنت يا أندلسيّه
***
هتفت بي و يداها في يدي
تدفع الكأس بإغراء و عجب
أيّ قيثار شجيّ غرد
خلته ينطق عن أسرار قلبي !
قلت طفل من قديم الأبد
يمزج الألحان من خمر و حبّ
ملء كأس في يديه ذهبيه
فاسقنيها أنت يا أندلسيه
***
و مضى اللّيل و نادى بالرّواح
كلّ خال و تعايا كلّ صبّ
و خبا المصباح إلاّ كأس راح
نوره ما بين إيماض ووثب
قد تحدّى و هجه ضوء الصّباح
فبقينا حوله جنبا لجنب
نتساقاها على الفجر نديّه
و أغني أنت يا أندلسيّه
***
يا عروس الغرب يا أندلسيّه
بعدت دارك و الصيف دنا
أين أحلام اللّيالي القمريه
و البحيرات مطيفات بنا
إذكري بين الكؤوس الذّهبيّه
خانة ، يا ليتها دامت لنا
حين أدعوك صباحا و عشيه
إسقنيها أنت يا أندلسيّه