الأمير المجاهد - علي محمود طه
رزء العروبة فيك و الإسلام
رزء النّهى و فجيعة الأقلام
هو مأتم الأحرار في متوثّب
بصفوفهم مستقتل مقدام
أأنا المثاليين صوتك لم يزل
في الشّرق وحي براعة و حسام
و نداء فاد تسأل الدّنيا به
أصريع حرب أم شهيد سلام ؟
لخلاص دار و فكاك عشيرة
خضت الحياة كثيرة الآلام
و اجتزت جسر العمر بين عواصف
هوج ، و موج مزبد مترامي
و شهرتها حربا على مستعمر
متجبّر ، أو غاصب ظلاّم
تلقى ببسمتك العرسضة نارها
في موكب من ذائدين كرام
متفرّقين على البعاد منازلا
متجمّعين على هوى ووئام
كالبحر ماج في غواربه التقى
سيل الرّبى و شوامخ الأعلام
و قفوا الحياة على الجهاد و قرّبوا
دعة النّفوس و صحّة الأجسام
إرث الجدود الصّيد أنت وهبته
قلما يصاول دونه و يحامي
شباب مهدور الدّماء مجاهد
في الله عن عرب و عن إسلام
***
الشّاعر الغرّيد نازح جنّة
مسحورة الأفنان و الأكمام
أفياؤها ظلل الدّهور ، و أرزها
أعلام آلهة على آطام
قامت على جبل أشمّ سماؤه
مسرى البيان و مسبح الإلهام
تهدي إليك بكلّ مغرب كوكب
أشواق نضوى لوعة و غرام
أمّ تحنّ إلى لقاء نجيبها
و أب ، هو الوطن الشوق الظّامي
يتساءلان متى الإياب ؟ و يومه
يو مارّحيل ، و لات حين مقام
***
مرّت جنيف بخاطري فتمثّلت
صور الشّهيد كأنّهن أمامي
متوحدّا في غربة ، متوقّدا
بصبابة ، متفرّدا بسقام
شيخ يدبّ على عصاه ، و فلبه
متوثّب الآمال و الأحلام
يطوي الثمانين الوضاء مليئة
بمواكب للذّكريات ضخام
و جلائل للمأثرات مواثل
و جحافل للحادثات جسام
هيهات ما أوهت قواه و لا ثنت
من خطوه عن غاية و مرام
هيهات ما نالت على إرهاقها
من قلبه في نضرة و وسام
هيهات ما شابي بمرّ مذافها
فيه حلاوة روحه البّسام
طلق الجبين على نديّ شمائل
كالفجر بين أشعة و غمام
***
يا ابن الأمارة نافضا من إرثها
يده لنصرة مبدإ و ذمام
حين الغنى و الجاه فتنة معشر
عن قومهم متخلفين نيام
صف كيف أبصرت الحياة و أنت في
عزّ الملوك و هيبة الحكّام
و رأيت دنيا المالكين بعالم
متخوّن ، متلوّن ، هدّام
تومي إليك قصورهمو كأنّها
عين مقرّحة و قلب دامي
و مشيت تنذر و الوغى مستعّر
و الأرض غرقى في دم و ضرام
في حومة من قاهرين تربّصوا
بالمضعفين منافذ الأيّام
عنت الشّعوب لسيفهم فتألّبوا
يتنازعون مصاير الأقوام
يأبى يراعك أن يفارق راحة
خلقت لردّ تحيّة و سلام
بيضاء ملهمة البنان مزاجها
فيض من الأضواء و الأنغام
أخذت خناق الظّلم فاستخذى لها
و ارتدّ يستر وجهه بلثام
و تعقّبته تهزّ قبضة ثائر
فإذا الحديد بها صديع حطام
و إذا الحصون الشامخات حجارة
منثورة ، و النار سحب قتام
و ذا المجاهد تحت غار جهاده
طهر اليدين مخضّب الصّمصام
روح يهزّ الشرق من أعماقه
و سنى يمزّق عنه كلّ ظلام
و يد تعانقه برغم منيّة
و فم يقبّله برغم حمام