مخدع مغنية - علي محمود طه

شاع في جوّه الخيال و رفّ الـ
ـحسن و السّحر و الهوى و المراح

ونسيم معطّر خفقت في
ـه قلوب ، ورفرفت أرواح

و منى كلهنّ أجنحة تهـ
ـفو و دنيا بها يدفّ جناح

و من الزّهر حولها حلقات
طاب منها الشّذا و رقّ النّفاح

حملت كل باقة دمع مفتو
ن كما تحمل الندى الأدواح

و هي في ميعة الصبا يزدهيها
ضحك لا تملّه و مزاح

و غناء كأنّ قمرية سكـ
ـرى بألحانها تشيع الراح

أخلصت ودّها المرايا فراحت
تتملّى فتشرق الأوضاح

كشفت عن جمالها كلّ خاف
و أباحت لهنّ ما لا يباح

معبد للجمال، و السحر ، و الفتـ
ـنة يغدى لقدسه و يراح

نام في بابه العزيز كيوبيـ
ـد و لكن في كفّه المفتاح

إن ينم فالحياة شدو و لهو
أو ينبّه فأدمع و جراح

دخلت بي إليه ذات مساء
حيث لا ضجّة و لا أشباح

لم نكن قبل بالرفيقين لكن
هي دنيا تتيح ما لا يتاح

و جلسنا يهفو السّكون علينا
و يرينا وجوهنا المصباح

هتفت بي : تراك من أنت يا صا
ح؟ فقلت المعذّب الملتاح

شاعر الحبّ و الجمال : فقالت ما عليه إذا أحبّ جناح

و احتوى رأسي الحزين ذراعا
ها ، و مرّت على جبيني راح

و رأت صفرة الأسى في شفاه
أحرقتها الأنفاس و الأقداح

فمضت في عتابها: فكيف لم ند
ر بما برّحت به الأتراح؟

إن أسأنا إليك فاليوم يجزيـ
ـك بما ذقته رضّى و سماح

و لك اللّيلة التي جمعتنا
فاغتنمها حتى يلوح الصّباح!!

***

قلت حسبي من الّربيع شذاه
و لعينيّ زهره اللمّاح

نحن طير الخيال و الحسن روض
كلّنا فيه بلبل صدّاح

فنيت في هواه منّا قلوب
و أصابت خلودها الأرواح!!