حواء - علي محمود طه
أأبغض وّاء و هي التي
عرقت الحنان لها و الرّضى؟
و باع بها آدم خلده
و لو لم يكن لتمنّى القضا ؟
و رثت هواها، فرمت الحياة
و حبّب لي العالم المبغضا
أراها على الأرض طيف النّعيم
و حلم الفراديس فيما مضى !
و كانت حياتي محض اتّباع
فصارت طرائف من فنّها
و كان شبابي صمت القفار
و رجع الهواتف من جنّها
فعادت ليالي الصّبا و الهوى
أرقّ المقاطع في لحنها
و أفرغت بؤسي في حضنها
و أترعت كأسي من دنّها !
و كم ذكريات لها عذبة
أعيش عليها و أحيا بها
لها في دمي خلجات الحياة
كأنّي خلقت بأعصابها
مسامرتي حين يمضي الصّبا
و تهتف روحي بأحبابها
و تخلو بي الدّار عند الغروب
و أجلس وحدي على بابها !!
بدت شبه عابسة فانثنيت
و قد زايل الشمس لألاؤها
و خلت الحياة و ضوضاءها
تموت على الأرض أصداؤها
و كفّ عن الهمس حتّى النّسيم
و أمسك عن لعب ماؤها
و ناديت ، فالتفت لا تجيب
و لكن دعاني إغراؤها
و مرّت إزائي فتابعتها
بقبي ، و عيني إلى أمّها
رأيت مفاتنها غير تلك
و إن لم يخلّدن في جسمها
و أبصرت من حولها الكائنات
جوانح تهفو إلى ضمّها
و يحنو الصّباح على ثغرها
و قد جنّ شوقا إلى لثمها
يساءلني القلب عن أمرها
و أسأله أنا عن سرّها
و يعطفني في الهوى ضعفها
و أنسى بأنّي في أسرها
و تبدي لي الأنجم الوامقات
رفيف الأماني على ثغرها
فأحسب أنّ اهتزاز الحياة
صدى حبّها و رؤى سحرها !
لكذبتها تستحبّ الحياة
و يصفو الزّمان بتغريرها
و يأخذني الشّك في قولها
فتقنعني بأساريرها
و تعصف بي شهوة للجدال
فتسكتني بمعاذيرها
غفرت لها كلّ أخطائها
سوى دمعتين لتبريرها !
أحاول أفهمها مرّة
فأعيا بها و بتفكيرها
أمخلوقة هي ؟ أم ربّة
تسير الخلائق في نيرها ؟
و ما سحرها ؟ ألتكوينها ؟
و ما حسنها ؟ ألتصويرها ؟!
تقول الطّبيعة : بنتي ! و ما
أحسّ لها بغض تأثيرها !
أعند الطّبيعة هذا الدلال ؟
و في دفئها مثل هذا الحنان ؟
إذ قيل لي : هاك ملك الثّرى
و دنيا الشّباب و عمر الزّمان
فما لذّتي بالذي نلته ،
و ما نشوتي برحيق الجنان
كرعشة روحي و هزّاتها
و صدري على صدرها و اليدان!
و غنّت فأسمعني صوتها
صدى الرّوح في خلجات البدن
عميقا كأنفذ ما في الحياة
و أبعد ما في قرار الزّمن
فأحسست كيف تطيش العقول
و تسهو القلوب و تصحو الفتن
و قال لها الحسن : يا ربّتي!
فقالت له : كلّ شيئ حسن !!
رآها على النّبع بعض الرّعاة
مصوّرة في إطار الغصون
فقالوا : أحلم تراه العيون ؟
أفي الغاب حوريّة ؟ من تكون ؟
و مسّ مزاهرهم روحها
فرفّت بها خالدات اللّحون
و باتت تعانق أحلامهم
و قد كان يرقص حتّى السّكون !
و لاحت بمرأى لعيني فتى
طوى البحر ليس له من قرار
تفتّح عن صدرها موجتان
و ينشقّ في الفجر عنها المحار
رآها فجنّ غرامها بها
و غنّى بها اللّيل بعد النّهار
و قالوا تعشّق جنيّة
فتى شاعر تائه فب البحار !
قضى الله أن تغوي الخالدين
وتغري بالمجد عشّاقها
لقيت على بابها الفاتحين
و غار الفتوح و أبواقها
و كلّ مدلّ عصيّ القياد
دعته الصّبابة فاشتاقها
سلا مجده الصّخم في قبلة
تذلّ و تسعد من ذاقها !
أمانيّ شتّى تمثّلن لي
بكلّ وضيء الصّبا ناعم
مبعثرة حولها في التّراب،
بقايا الدّمى في يد الحاطم
تمرّ بها و هي في ضحكها
و ما ذرفت دمعة النّادم
فيا لك من طفلة فذّة
و رحماك سيّدة العالم !
بليتيس : مخاطبة سافو :
يحاول بالشّعر إغراءنا
.............................
سافو: ...............
لنؤمن واحدة واحده
بليتيس : هو الموقف الضّنك ما يتّقيه
....................
تاييس : .........................
كما يتّقي باشق صائده
سافو : متى كان صّبا عطوف الفؤاد
و هذي قصائده الجاحده ؟
ألا ذكّريه بمثّاله
و نادي بحيّيه الخالده