ليلة عيد الميلاد - علي محمود طه

إسمعي أيّتها الرّو
ح! أفي الكون غناء؟

و انظري !. هل في نواحي الـ
أرض باللّيل ضياء ؟

لا تراعي أن يكن قـ
ـصّر عنك البشراء

فالنّواقيس التي حيّـ
ـتك أشجاها القضاء

الشّجر رجع صداها
و الأسى و البرحاء

و التّراتيل من البيـ
ـعة نوح و بكاء

ودّدتهنّ الثّكالى
و اليتامى الشّهداء

و المصابيح التي كا
ن بها يزهى المساء

خنقتها قبضة الشّـ
ـرّ فما فيها ذماء

صبغوها بسواد
فهي و اللّيل سواء

مأتك للنّور قام الـ
ـويل فيه و الشّقاء

تحت ليل ما له بد
ء ، و لا منه انتهاء

أيها المبعوث ، لا ضنّـ
ـت برجعاك السّماء

أنظر الأرض .. فهل في الـ
أرض حبّ و إخاء

نسي القوم و صايا
ك و ضلّوا و أساءوا !

و كما باعوك يا منـ
ـقذ بيع الأبرياء !!

ليلة الميلاد و، و الدّنـ
ـيا دموع و دماء

في ربوع كان فيها
لك بالسّلم ازدهاء

باسمه يشدو المغنّو
ن و يشدو الشّعراء

أين و لّت هذه الفر
حة؟ أم أين الصّفاء ؟

لم تصافحك من الأطـ
ـفال أحلام وضاء

رقدوا غير عيون
ريع منهنّ الفضاء

ترقب الآباء ، هل عاد
وا ؟ و هل حان اللّقاء؟

بين أيدي أمّهات ،
بتن ، و اللّيل جفاء

في طوايا النّفس يبكيـ
ـن و قد عزّ الرّجاء !

ويحهم أين تراهم،
هؤلاء الأشقياء ؟

هم وراء اللّيل أجسا

و وجوه رسم الرّعـ
ـب عليها ما يشاء

خندقوا في مأزق المو
ت و ما منه نجاء

بين موج من سعير
يتوقاه الفناء

و جبال من ركام الثـ
ـلج يرسيها الشّتاء

و حديد طائر يحـ
ـذر مسراه الهواء

و عجيب ! فيم للمو
ت يساق التّعساء ؟

في سبيل الخبز ؟ و الخبـ
ـز اكتساب و رضاء

في سبيل الحقّ ؟ و الحقّ
لدى القوم طلاء !

في سبيل المجد ؟ و المجـ
ـد من البغي براء !

أو في الجزرة الكبـ
ـرى تنال المجد شاء ؟

طذب الباغي و للسّيـ
ـف بكفّيه مضاء

و خداع كلّ ما قا
ل ، ووةر و افتراء !!

أيّها الشّرق الذي خصّـ
ـته بالرّوح السّماء

هذه الرّوح التي شيـ
ـد بكفّيها البناء

و التي من نورها العا
لم يجلى و يضاء

يا أبا الحكمة ، لا ها
ن عليك الحكماء !

ناد أوربا فقد ينـ
ـفعها منك النّداء :

حانت السّاعة يا أخـ
ـتاأم حقّ الجزاء ؟

دنت بالقوّة حتّى
صرعتك الكبرياء

أرقصي في النّار ، أنت الـ
ـيوم للنّار غذلء

و اشربي في حانة الشيـ
ـطان ما فاض الإناء

حانة الموت فيها
من دم القتلى انتشاء

نادمي من شئت فيها ،
فالمنايا النّدماء

و ارفعي الكأس و غنّي
و على الدّنيا العفاء ؟

***

يا قويا لم يهن يو
ما عليه الضّعفاء

و ضعيفا اسمه يفـ
ـزع منه الأقوياء

و أنا المسلم لا يجـ
ـحد عندي الأنبياء

أنت في القرآن حبّ
و جمال و نقاء

عجب فديتك المثـ
ـلى ! و في القول عزاء !

ألهذا العالم الشرّ
ير ؟ قد ضاع الفداء !