الحية الخالدة - علي محمود طه

ولفّت ذراعين كالحيّين
عليّ ، و بي نشوة لم تطر

وقد قربّت فمها من فمي
كشقّين من قبس مستعر

أشّم بأنفاسها رغبة
و يهتف بي جفنها المنكسر

تبيّنت في صدرها مصرعي
و آخرة العاشق المنتحر !!

أفي حلم أنا ؟ أم يقظة ؟
و من أنت أيّتها الخاطئة ؟

هو الحبّ ؟. لا. بل نداء الحياة
تلبّيه أجسادنا الظّامئة

يخفّ دمي لصداه الحبيب
و تدفعني القدرة الهازئة

كأنّي ببحر بعيد القرار
طوى أفقه و زوى شاطئه

أرى...ما أرى ؟ جسدا عاريا
تضجّ به الشّهوة الجائعه

أرى... ما أرى ؟ حدقي ساحر
تؤجّان بالنّظرة الرّائعه

أرى... ما أرى ؟ شفتي غادة
ترّفان بالقبلة الخادعه

تساقطني ثمرا ! ما أرى ؟
أرى حيّة الجنّة الضّائعه !

بعينيك أنت ، فلا تنكري
صفات أنوثتك الشّاهده

تمثّلت شّتى جسوم و كم
تجدّد في صور بائده

نعم أنت هنّ.. ما أرى ؟
أرى الكلّ في امرأة واحدة

لقد فنيت فيك أرواحهنّ..
و ها أنت أيتها الخالده !

لقد كنت وحي رخام يصاغ
فأصبحت لحما يثير الدّماء

و كنت فتى ساذجا لا أرى
سوى دمية صوّرت من نقاء

أنيل الثّرى قدمي عابر
يعيش بأحلامه في السّماء

فأصبحت شيئا ككلّ الرجال
و أصبحت شيئا من ككلّ النّساء !

و كنت أميرة هذي الدّمى
و صورة حسن عزيز المنال

و كنت نموذج فنّ الجمال
أحبّك للفن لا للجمال

***

أرى فيك مالا تحدّ النّهى
كأنّك معنى وراء الخيال

فجرّدتني رجلا أشتهي
و جرّدت أنثى تشتّهي الرّجال

دعيني حوّاء أو فابعدي
دعيني إلى غايتي أنطلق

أخمر و نار.؟ لقد ضاق بي
كياني و أوشك أن أختنق

أرى .. ما أرى ؟ لهبا ؟ بل أشمّ
رائحة الجسد المحترق !

فيا لك أفعى تشهّيتها
و يا لي من أفعوان نزق