فاروس الثاني - علي محمود طه
نبأ في لحظة أو لحظتين
طاف بالدّنيا و هزّ المشرقين
نبأ ، لو كان همس الشّفتين
منذ عام ، قيل إرجاف و مين !
و تراه أمة بالضّفتين
أنّه كان جنين العلمين
موسيلني ! أين أنت اليوم؟ أين؟
حلم ؟ أم قصّة ؟ أم بين بين ؟
***
قصر فينيسيا إليك اليوم يهدي
لعنة الشّرفة في قرب و بعد
عجبا ! يا أيّهذا المتحدّي
كيف ساوك سقوط المتردّي ؟
إمبراطورك في همّ و سهد
صائحا في لياه لو كان يجدي ؟
أين فاروس ولّيت بجندي ؟
أبن ولّيت بسلطاني و مجدي ؟
***
أعتزلت الحكم ؟ أم كان فرارا
بعد أن ألفيت حوليك الدّمارا
سقت بالمجزرة الزّغب الصّغارا
بعد أن أفنيت في الحرب الكبارا
يا لهم في حومة الموت حيارى
ذهبوا قتلى و جرحى و أسارى
يملأون الجوّ في الرّكض غبارا
و قبورا ملأوا وجه الصّحارى
***
أعلى الصّومال أم أديس أبابا
ترفع الرّاية ، أم تبني القبابا
أم على النّيل ضفافا و عبابا
لمحت عيناك للمجد سرابا
فدفعت الجيش أعلاما عجابا
ما لهذا الجيش في الصّحراء ذابا ؟
بخّرته الشّمس فارتدّ سحابا
حين ظنّ النّصر من عينيه قابا
***
يا أبا القمصان جمعا ة فرادى
أحمت قمصانك السّود البلادا ؟
لم آثرت من اللّون السّوادا ؟
لونها كان على الشّعب حدادا !
جئت بالأزياء تمثيلا معادا
أيّ شعب عزّ بالزّيّ و سادا
إنّه الرّوح شبوبا و اتّقادا
لا اصطناعا بل يقينا و اعتقادا
***
موسيليتي قف على أبواب رةما
و تأمّلها طلولا و رسوما
قف تذكّؤتها على الأمس نجوما
و تنظرها على اليوم رجوما
أضرمت حولك في الأرض التّخوما
تقتفي شيطانك الفظّ الغشوما
أو كانت تلك روما أم سدوما
يوم ذاقت بخطاياك الجحيما ؟
هي ذاقت من يد الله انتقاما
لأثام خالد عاما فعاما
يوم صبّت فوق بيروت الحماما
لم تذر شيخا و لم ترحم غلاما
من سفين يملأ البحر ضراما !
ذلك الأسطول كم ثار احتداما
أين راح اليوم ؟ هل رام السّلاما ؟
أم على الشّاطئ أغفى ثم ناما ؟
***
أيّ عدوان زريّ المظهر
بدم قان ز دمع مهدر
حين طافت بحمى الأسندر
أجنح من طيرك المستنسر
تنشر الموت بليل مقمر !
يا لمصر ! أترى لم نثأر
بيد المنتقم المستكبر ؟
أترى تذكر ؟ أم لم تذكر
***
موسيليني ! لست من أمس بعيدا
فاذكر المختار و الشّعب الشّهيدا
هو روح يملأ الشّرق نشيدا
و يناديك ، و لا يألو و عيدا :
موسيليني ! خذ بكفّيك الحديدا
و صغ القيد لساقيك عتيدا
أو فضع منك على النّصل وريدا
فدمي يخنقك اليوم طريدا !!