الشاعر - علي محمود طه
عبقريّ من النّغم
رجعه الحبّ و الألم
نبعه قلب شاعر
شارف النّور في القمم
و رأى مولد الحيا
ة على شاطئ العدم
في رفيف النّدى
و حفيف من النّسم
و إطار من السّنى
حمع الكون و انتظم
و رآها و قد بدت
مثل حوريّة الحلم
هي سكرى تجرّدت
من ثياب و من عصم
و هو لاه بخدرها
ثمل بالذي غنم
تعصر الكرم راحتا
ه لها ، و هي تبتسم
فشدا أوّل الرعا
ة بشبّابة القدم
قبل أن يستعد الغنا
ء بها راعي الغنم
خطرة من شبابه
و مضى فاشتكى السّأم
و إذا الشّاعر المدلّـ
ـه يقظان لم ينم
يقطّع الدّهر وحده
ذاهلا تائه القدم
يسأل اللّيل و الكوا
كب و السّحب و الدّيم
ناح قيثاره الشّجـ
ـيّ بما رقّ و انسجم
و على خدّه جرت
عبرات من النّدم
ذوّب الحبّ قلبه
و برى جسمه السّقم
و جلا الغيب سرّه
بين عينيه و ارتسم
فجرى في نشيده
أروع الشّعر و النّغم
***
فانظروا أي شاعر
هو في الحفل بينكم
ذلك المبدع الرّوائع
في صورة الكلم
ربّة الحكمة اشتكتـ
ـه إلى ربّة القلم
نازعتها غرامه
و هو الخصم و الحكم
فاسمعوا الآن شعره
و تملّوه عن أمم
ضامر الجسم و اسمه
يسع الكون بالعظم
و قصير ، و مجده
باذخ كالضّحى أشم
ذلك الشّاعر الذي
فاز بالحبّ و اتّسم
خالد بالذي شدا
خالد بالذي نظم
ذاك ناجي و حسبه
أنّه الشّاعر العلم !