عاصفة في جمجمة - علي محمود طه
ضجّت الأنجم في آفاقها
ذات ليل تشتكي طول الأبد
فمضت تصرخ من أعماقها
أيذها اللّيل نبه من رقد !
أطلق الجنّ يرفرف لا ئذا
بالرّبى يصرخ من خلف الرّموس
أيّها الأحياء ما الكون إذا
تنثر الشّهب و تندكّ الشّموس؟
أحياة سمتها صخر و نار
حفّت الأشواك من يسلكه؟
تنقضي الآجال فيه و السّفار
أبدّي، و يح من تهلكه !
إحملوا أمس إلى حفرته
و تخطّوا هوّة الوادي السّحيق
و احفزوا النّجم إلى ثورته
و احطموا أنوال ليل لا يفيق
أيقظوا اللّيل ثارات الرّعود
إنّها ثارات جبّار السّماء
إن يشأ أرسالها فوق الوجود
فإذا الكون هشيم و هباء
لو تمشّت بمناياها الرّجوم
لاستحال الخلق و الكون سدى
و رأيت الأرض حيرى و النّجوم
تذرع الجوّ على غير هدى
أيّها الأحياء يا أسرى القضاء
كيف أمسيتم بدنيا الحدد؟
و عليكم في غيابات الشّقاء
ضربت آفاقها بالسّدد !
صرخة في الكون دوّت ! يا لها
خلعت أصداؤها قلب الزّمن
قفّ منها الشّوك و ارتجّ لها
معبد اللّيل شمّ القنن
صرخة منها السّماوات انثنت
و قد استعصت على طارقها
صاح منها الوحش ذعرا
يسأل الوديان عن خالقها
و إذا الموت يشّقون الوهاد
كالضّواري كلّهم عاري البدن
رحمة الله !! إذا يوم المعاد
فنسوا من هوله حتّى الكفن ؟
أين منك الشّمس يا مشرقها
أتراها خلف أسوار الأبد
حجبتها فهي لن تطلقها
يوم لا يبقى على الأرض أحد !
هبّت الجنّ تنادي بالثّبور
في كهوف الأرض يا أهل الكهوف
احشدوا الرّيح على ظهر الصّخور
و ابعثوها ذات نقش و زفيف
انزعوا الصّخر من الطّود المنيع
و اجعلوه زادكم عند الكفاح
و اصعقوا قنّه و اديه الرّفيع
تتهدّم تحت أقدام الرّياح !
لا تصيخوا ، دق ناقوس القضاء
فاحملوا أشلاء هذا العالم
و احملوها و اعبروا جسر الفناء
و اسبحوا فوق العماء الحالم