المشاكسُ - فاطمة ناعوت

إلى : حلمي سالم
***
جيفارا في شبين الكوم
يعاينُ سربَ حمامٍ أُطلَقَ لتوِّه
ليُسقِطَ الحَّبَّ في كفِّ " نور"
التي انغلقتْ شرفتُها إلى الأبد
قبل أن يحفرَ "ناجي" على قبرِها
"واثقُ الخطوةِ يمشي مَلكًا "
فتنمحي صفحةُ الكتاب الأولى
و ينغلِقَ الولدُ على تغريبتِه
سبعَ سنينَ
بيضاءْ.
...
الولدُ ذو الكَنْزةِ الصوفيةِ الزرقاء،
الذي احتكرَ جَمالَ الصحابِ
وشرورَهم.
يعيدُ الكشفَ
إذ يسترجعُ صوتَ انتهاءِ الدرسِ
وقفزاتِ الصغارْ
فيطوي على عجلٍ
تأمُّلَ بَيْتٍ أوشكَ أن يكتملْ
دسَّ بين أحجارِه
خصلةً من ابنة الريماوي.
...
منذورٌ لشجتين في الرأس
فمرةً
بجذعِ الزنزلختِ عند ساقيةِ الباشا،
ومرةً بفأسِ "مَلَك "
ذات الجلبابِ الشفيفْ ،
"فطوبى للمشجوجين"
الذين يركضُ واحدُهم إلى أمِّهِ
حاملاً
حفنةَ دمٍ
وبعضَ سؤال .
...
سيلملمُ أشياءَه
في منتصفِ المسافةِ بين النكستيْن
وينزوي خلفَ مقلاة الراهبِ برهةً
قبل أن يطوِّفَ بين الحوانيتِ والأزقّةِ
حاملا في سلَّتِه
فدان برتقالٍ
واثنينِ وخمسينَ عامًا من المشاغبةِ.
...
الولدُ النحيلُ .
الذي أفلتَ توًّا من حصارِ بيروتَ
ومعتقلاتِ الجامعةْ،
ستبكيه "زاهيةُ" لأسبوعينِ ،
فيما أبوهُ يكنِسُ غُبارًا
خلَّفتْهُ أحذيةُ ثلاثِ سرايا.
...
تنازعتْه الأمكنةُ والكلماتُ والعيّارون
وعند صفعةِ كريم الدولة
سيُطرقُ سبع سنين أخرى
ثم يفيق
ليشدَّ بودليرَ من ياقتِهِ
إثرَ حوارٍ حولَ باريسَ والسأم.
...
و حين يخلو إلى أعقابِ السجائر التي ألقاها الموسرون
على ضفّةِ السين
يُنَظِّرُ
كيف يكونُ الألمُ متوسطيًا،
و ناتئًا كلعنةْ.
...
شعرٌ جَعِدٌ
وبشرةٌِ لوَّحَها الترحالُ،
تناسبُ رجلاً
دأبَ على مجادلة النهرِ
حول النشوةِ وقانون الكفاية،
فيما صفيرُه الخافتُ
يصطادُ يعاسيبَ نائمةً
في دماءِ الأرضْ.
...
سيتخذُ مكانَه غدًا
- العائشُ بين الحركةِ والسكونْ -
عند طاولةِ المقهى السكندريّ
ليحاورَ الطعامَ في صحافِه
بعدما يقلعُ عن طقوسِه القديمةْ
ويكفُّ عن تلقينِ الزهورِ فنَّ المراوغة،
داخلَ الدهاليز نصفِ المعتمة.
__________
القاهرة / 14 ديسمبر 2003