النّزهـة - فاطمة ناعوت

معصوبةَ الفكرةِ
( كي لا يؤذيَ الضوءُ عينيّ )
يسحبُني كلَّ مساءٍ
حيثُ نزهةٍ في الجوار
لساعتين
تحتَ شجرةِ الصفصاف.
...
كلامٌ ... تنفسٌ ... متابعةُ العصافير ... شطرنج ... مراقبةُ البحر ... حوارُ أفلاطون
الخامسُ ... هدايا ... قبلاتٌ ... حتى الحديثُ عن الأحلامِ ... مباحٌ.
...
- ماذا وراءَ الجبل ؟
- أشياءُ شريرة .
- وماذا أيضًا ؟
- لا شيء ... أنتِ في أمانٍ هنا ... بين علامتيْ التنصيص .
- رأيتُ اللهَ بالأمس يُخرِجُ من جيبِه ورقةً و حبّةَ قمحٍ وزرارًا منزوعًا من قميصي ...
غير أني لم أفهم الورقةَ، كانت بلُغةٍ لا أعرفها !!
الرفاقُ أخذوا الأشياءَ كلَّها دوني، تمنيتُ أن تجيءَ لتقرأ الورقة،
فأنتَ تفهمُ كلَّ شيء ... كنتُ جائعةً و حزينةً، و كانوا يضحكون ...
أخرجتُ أشيائي : نوتةَ الهاتف، مِبردَ الأظافر، صورةَ أبي.
ولم ينجح أحدٌ منهم أن يعرفَ أين أخبئُ أحلامي ...
أنا أيضًا ضحكتُ لمّا اقترب موعدُ وصولِكَ، و ........
- رأيتِ الله ؟!
- نعمْ، في الحُلْم، كان جميلاً، يشبهُك، لكنّه لا يأتي كلّّ يومٍ مثلك ساعتين.
ماذا تشاهدُ في بقية الساعات ؟
- لا شيءْ.
- ماذا وراءَ الجبل؟
- لا شيءْ.
- تأتي غدًا ؟
- نعمْ.
......
الرجلُ الذي أحببتُ،
يجيءُ من أقصى المدينة يسعى
كلَّ يومٍ ساعتين
من أجل نزهتي اليومية،
ثم يحملُني معصوبة العينين
( كيلا يجرحَ غبارُ الطريقِ روحي بعد أنْ برئتْ للتوِّ من أسقامِها )
ليودعَني غرفتي الرحبةَ
، مبطّنةَ الحوائطِ بالحريرِ والذهبِ والسكونْ،
في جوانتانامو .
_____________
القاهرة / 20 سبتمبر 2003