عشرةُ خيوطٍ من أعلى - فاطمة ناعوت

سكندريةُ محمود سعيد " ذاتُ الحليّ "
في قُصاصةٍ مطْويّة،
باليرينا في دائرةْ،
عينانِ تحملانِ جنونَ الشِّعرِ و رقّتَهْ،
وكفٌّ
تحتوي كفًّا
وقتَ يعبرانِ شَريطَ القطارِ
فيتسربُ أمانُ العالمِ إلى امرأةٍ خائفةْ .
...
هي المرأةُ التي غافلتِ الأصابعَ الأفقيةَ
و حرَّرتْ أطرافَها .
بعضُ الخيوطِ تمزقتْ
واهتزتِ الطاولةْ ،
لا يَهُّم !
لأن الخطوةَ ستنتظمْ
والضلوعَ ستبرأُ من تشنجِها .
...
هي المرأةُ
التي لمْ تعرفْ
لِمَ الأسرّةُ دائريةٌ،
و لأيّ سببٍ
ضحكتْ زوجةُ البوابِ منها لثلاثينَ شهرًا .
...
أمهُّا التركيةُ كانت حزينةً
لأن الطفلةَ لم ترثْها
فعلَّمتها
أن تنظرَ وجهَها في الكتابْ :
" المرآةُ للجميلاتِ وحسْب !! "
...
لكنّها
لمّا جاوزتْ سنَّ الحياةْ
رصدتْ فتنتّها الهاربةَ
في أكوامِ رَمَلٍ و مديد خطَّها الشعراءُ فيها،
فاستبدلتْ بماركس
طبقا من ثريدٍ
وأرجوحةً
تصلُ السماءَ …. و تقفْ .
...
هي المرأةُ
التي قفزتْ من الشرفةِ
كي تلحقَ بآخرِ الضوءِ البرتقاليّ
ترمي عروستَها
داخلَ نافذةِ سيارةٍ أوقفتْها الإشارةُ الحمراءْ
في الشارعِ الخلفيّ.
...
لابد أنها الآنَ
تقرأُ فنونَ الحوارِ
فوق شراشفَ لم تعرفِ البللْ ،
تكتبُ النصَّ
ثم تحركُ اسمَها
من الهامشِ إلى المتْنِ ،
و ربما تجاسرتْ
و تحاورتْ مع جاراتِها
حول ارتفاعِ سِعرِ الخُضَرِ
بعد انهيارِ الجُنيْه .
...
أراهنُ
هي تحتشدُ منذ الأمسِ
حيثُ غدًا
موعدُها الأول مع المرآةِ
تواجِهُها وتهتفُ :
" متى تعلمتِ
كلَّ تلكَ الفنونِ
يا امرأة ! "
___________
القاهرة / 14 فبراير 2003