محطةٌ أخيرة - فاطمة ناعوت

لعلَّها تعلَّمتْ شيئًا
قبل أن تبتسمَ الرتاجاتُ عن أسنانِها النظيفةِ من جديد.
...
ثَمَّة أشياءُ جديرةٌ بالإنصات،
مثل متابعةِ الظِّلالِ الجَعِدةْ
التي تعوِّقُ انسحابَ البياضِ من منشورٍ نصفِ شفافٍ .
المنشورُ الزجاجيّ
الذي اعترفَ أن لوْنًا خاتلَهُ
و مضى.
...
أشياءٌ
ليس من بينِها
البحثُ في الصِّحافِ القديمةِ
عن وجهِ اليهوديِّ
الذي صنعَ في بطنِ أمِّها شقًّا
تنظرُ منه إلى العالمْ ،
ولا
أن تلومَ الزجاجَ الرديءَ
الذي يصوغونَه نظاراتٍ لطوالِ النظرِ
فيصابون بقِصَرِ نَظَرٍ مزمنٍ
فلا يرون جميلاتٍ يُشْبهنَ بناتِ العزيزِ
اللواتي صافحنَ الشيطانَ
مراتٍ أربعًا.
...
لعلَّها تعلَّمتْ مثلاً
أن الحذاءَ المهترئَ يحملُ المعرفةَ الأوسعْ
لأن الكلمةَ
تظلُّ تُدَّومُ في الأثيرِ
لا سبيلَ إلى ابتلاعِها كالأسبرينْ ،
وأن البومَةَ ليست وحدَها
التي تملكُ عنقًا يلتفُّ للوراءْ
مادامَ للقطارِ
قاطرتان.
...
سيحملُ الشعراءُ فخاخَهم
يجوبونَ أزقةً ضَّيقةْ،
يسترقونَ الأبوابَ ويحيكونَ القصصَ،
يضاجعونَ النساءَ في الكتبِ
و على طاولاتِ المقاهي،
لكنْ
البُراقَ - عند المحطةِ القريبةِ -
مازال ينتظرْ
رأسًا مجهدًا
قلبًا مجهدًا
و روحًا أتلفتها الأرضُ،
يحمل البراقُ ثلاثتهم إلى حيثُ
الرِتاجات حانيةْ
والفِراش باردْ.
__________
القاهرة / 12 يناير 2003