قهوةٌ في الصباحْ - فاطمة ناعوت

لم أعدْ خائفةْ ،
ليس لأن اللصوصَ ماتوا بالأمسْ ،
و لا لأن البشرَ سيصمتونَ
حين تتَّسِعُ الرؤيةُ ،
لكنْ
لأن الكفَّ ستظلُّ في مكانِها.
...
تكونُ الحياةُ مُحتَملَةً
إذا انتهتْ لقاءاتُ الأحدِ
إثر سقوطِ البنيويةِ،
لأن موتَ المؤلفِ
يعقبُه اختفاءُ المهاتفاتِ الصباحيةِ .
...
السَّيدةُ الغاضبةُ كذلك
كانت خائفةً من البنتِ الإلكترونيةِ
التي رسمَها " آل – باتشينو" بنِسَبٍ مضبوطةْ
فدسَّتْ الفيروسَ في مؤخرةِ الرأسْ
لينجو من الشِّعرِ
والمثقفاتْ .
...
هي
لمْ تقرأِ الكتابَ على النحو الصحيحْ
وإلا لتعلَّمتْ أن الشاعرَ
إذا صنعَ آلافَ الأوراقْ
فإنه فقط
يريدُ أن
يطيـْر.
...
قالَ الشاعرُ :
" الخائفون مائةْ "
فأخبرتُه أني أولُهم،
لكنّي لا أحتاجُ أن أراهم لأطمئنَ،
ولا أُراهنُ على انكسارِ أمريكا
أو ركوبِ الدراجاتِ في القناطرْ،
ولستُ على يقينٍ من انحسارِ موجةِ الحرِّ
أو حتى من وجودِ
" سليم سحاب " في الأوبرا الخميسَ القادم .
...
لستُ أعرفُ
لماذا أكتبُ الشعرَ،
ولمَ البشرُ كثيرون،
لماذا لا تأتينا المعرفةُ
ككبسولةٍ في المخِّ حينَ نولدْ،
و لمَ جفلْتُ حين انتبهتُ أني امرأةْ،
بينما قاعةُ العرضِ
خاليةْ،
و كفافيسُ لمْ يزرْ مكتبةَ الإسكندرية.
...
برغم أن العجوزَ مازالت تنتظرُ كلَّ يومٍ
على المقهى ؟
...
لا يقينَ هناكْ
سوى أنه مستلقٍ إلى جوارِها الآن
- بعدما أغلقَ الهاتفَ -
لعدّةِ أسباب :
أولاً
لأن الساحلَ الشماليَّ
مازالَ في الشمال .
ثانيًا
لأن الفيروسَ أخذَ مسارَه
داخلَ الدماغْ
و صفقَّ الجمهورْ .
ثالثًا
…….
رابعًا
…..
….. .
ثم إن كفافيسَ قد ماتَ من زمان،
لذلك
لن يكونَ بوسعِ البنتِ الطيّبةْ
أن تُعدَّ قهوةَ الصباحْ .
__________
القاهرة / 4 أبريل 2003