مَوقِف بحْر - فاطمة ناعوت

الكوخُ
مازالَ هناك
يرجِعُ صوتَ فيروزَ
فتموءُ القططُ
ويتساقطُ الطلاءُ عن جدرانٍ
أجهدَها المِلحُ والسكونْ.
...
المكانُ هنا
على مرمى رغبةٍ
تخايلُ المرأةَ والرجلْ
فيصدِّقُ المحلّفونَ
على قرارِ السيارةِ
برفعِ مؤشرِ الحرارةِ إلى الدرجة القصوى
تمهيدًا لتوقفٍ حتميٍّ
بمحاذاةِ البحر.
...
لكنَّ المرأةَ
تخافُ تصدِّعَ المرايا
وضياعَ الحُلمِ القديمِ من الأصابعِ
فتكملُ مسيرةَ الملحِ
صوبَ القاهرة.
...
هناكَ المكانْ
والرجلُ تأخذُه العِزَّةُ
فيمضي
لينموَ فوق السطحِ
خطٌّ متعرِّجٌ جديد
ويزدادَ خوفُ امرأةٍ
تدركُ أن كلَّ تصِّدعٍ في المرآةِ
يتلوهُ انسلالُ خيطٍ
من حريرِ العباءةْ.
...
الواحدُ
يفضِّلُ أن يكونَ واحدًا
والواحدةُ
تنكمشُ في المدى
ستغدو صِفرًا
حين يمسُّ الماءَ
حبلُ البالونِ الأزرقْ.
...
المكانُ الطَّيّبُ هناكْ
والسلاحفُ
لا تعبأُ بانكسارِ الظلِّ
لأنها تعودتْ أن تموتَ مبكرًا
قبلَ أن يصحو الصيادون
وتكنسَ الشمسُ السواحلْ.
...
البحرُ ينتظرُ عند الحافةِ
والمكانُ في مكانِه
يقاومُ الإزاحةَ كعادتِه
بينما الكلابُ والقططُ والصحونُ والنِفَّريُّ
مازالوا صابرين
لكنَّ شيئًا غابَ في الرملِ
فحرَّكتِ المرأةُ الكوخَ بإصبعِها
إلى خانةِ الفكرةْ
كي يظلَّ في مأمنٍ
من عواملِ التراكمْ.
...
البنتُ التي علقّتْ فستانَ العُرْسِ
على سورِ الحديقةِ
كي تسكنَهُ القططُ ثلاثَ ليالٍ
لم تعدْ تقايضُ على دفاترِها بالفرَحْ
ولم تعدْ تبيعُ للصغارِ أكياسَ الحلوى
في انتظارِ عودةِ الأبِ المغدورْ،
وكفّتْ منذ الأمسِ
عن سؤالِ الحواريين حولَ القيامة،
فقد تعلّمتْ
أن المرايا المشروخةَ
تشتعلُ غضبًا
إذا ما رمقَها المارَّةُ في الضَّوءْ،
لكنّها في الليلْ
تنامُ وادعةً
في حقائبِ النساءْ
مُطْرِقةً
على صُدوعِِها.
_________
القاهرة / 5 مارس 2004