المَشَّـاءون - فاطمة ناعوت

المترفون
ذوو الأقدامْ ،
لا مِلْحَ في معاطفِهم ،
ولا قذىً
يسحبُ الرؤيةَ إلى الورقْ.
...
هناك ،
حيث الشجرُ يختلطُ بالظلامْ
ينسى الرَّبُ أمتعتَه
داخل الكهفِ ،
فيأتي العابرونَ
يلتقطونَ الحياةَ ويمضونْ
بينما الفقراءُ
ذوو العكازاتِ و النظاراتِ الطبيَّةِ الموبوءةِ بالقراءةْ
ينتظرون الموتَ الذي
دائمًا يتأخر.
...
بماذا قايضنا على الفرَحْ ؟
حيثُ الكلُّ يخشى الاقترابْ
لأن الشللَ
مُعْدٍ
و العميانَ
يفكرون كثيرًا.
...
المترفونَ
ذوو الحُلْمْ
يحيكونَ نهاراتٍ واسعةً
تناسبُ شبكاتِ الطُّرُقِ المعقَّدةَ
وتستوعبُ ضجيجَ الكلاكساتْ
التي لا تُغضِبُ أحدًا،
وفي المساءْ
يحوِّلونَ الحُلمَ أجنحةً
وحواديتَ.
...
الطفلُ الصامتُ
يعرفُ الأمرَ كلَّه
لأنه استنقذَ مدينتَه من الأمهاتِ المبتسراتِ
ذواتِ الذاكرةِ الممسوحةِ
و كراسي المقعَدين،
الأمهاتِ اللواتي يقرأن كثيرًا
ولا يُجِدْنَ الطَّهوَ
أو الجلوسَ إلى التليفزيون،
الطفلُ ذو الحدسِ
رماهُنَّ في المنفى
لأنهن يسقطنَ المشابكَ دومًا
قبل اكتمالِ السطرْ.
...
المارّةُ المترفون
الذين يخشَون العدوى
تنمو لهم أحداقٌ كثيرة،
و أقدامُهم
تبتكِرُ معانيَ جديدةً
للتوازي والتقاطعِ
لأن الأرصفةَ
تألفُ الأحذيةَ
وتطمئنُ أكثرَ لملمسِ أقدامِ الحُفاة
لكنَّها
لا تصفحُ عن ذوي العصا
التي تفقأُ بلاطَها
و تجهضُ جنادبَ نشطةً
تتهيأُ للأمومةْ.
...
الأرصفةُ تستعدُ للثأرِ
وأنا
أفكِكُ الصواميلَ
عن قدميَّ.
_____________
القاهرة / 1 نوفمبر 2003