صِفْرٌ أزرقْ - فاطمة ناعوت

لو كان أبي ملاكًا
لأتى كلَّ ليلٍ
ماسكًا طرْفَ الخَيْطْ
ليربطَ حُلمي
بُحلمِ الطفليْنِ في البقعةِ الصفراءْ
وراءَ البحرِ الأحمرْ،
يربِّتُ بعصاهْ
- التي نجمةٌ في نهايتِها –
فوق الرؤوسْ
فيبدأُ العرضْ.
...
المسألةُ على هذا النحوِ
تبدو غارقةً في الخيالْ
لكنّ الشاهدَ
أن أمورًا تحدثُ
بغيرِ الحاجةِ إلى لاهوتِ الشِّعرْ،
فالأرضُ معلقَّةٌ في الفراغْ
قبلَ :
" جرسِ الكنيسةِ (الذي)
لو تكلَّمَ لاشتكى
و لبانَ فيه مُذْ نأيتَ تصدُّعُ ".*
...
لو كانَ كاهنًا
لفكَّ رموزَ تعويذةٍ
رسمَها الأصدقاءْ
كيلا أموتَ في حادثِ سيارةْ،
بسببِ الغربةِ التي
تملأُ المسافةَ
بين الرائي والمرئيّ .
ولفهمَ أن المصفوفاتِ الهندسيةَ
(التي كشفَها الرجلُ بين أوراقي فيما يرشفُ القهوةْ )
حيلةٌ خائبةْ
تلجأُ إليها المرأةُ
لكي تحيلَ أطفالَها أرقامًا
سنواتِها
و هزائمَها
أرقامًا
فيسهُلُ الطرحُ والقِسْمةُ
والنومُ أيضًا .
...
كلُّ هذا ليس مهمًّا،
الأخطرُ
أن أميّ التي أدخلتني المدرسةَ لأغدو عالِمةً
لا تعرفْ
أن للقلمِ وظيفةً أخرى
كأن يخطَّ رسالةً في زجاجةٍ
مفادُها :
إن الهواءَ الذي دسّوه في بالوناتِ الصغارْ
مخصومٌ
من رئتيّ .
___________
* "جرسُ الكنيسةِ لو تكلّم لاشتكى ... ولبانَ فيه مذ نأيتَ تصدّعُ" - الأخطل الصغير
_________
8 مايو 2003