دوائر الطباشير - فاطمة ناعوت

لن ألتقيكَ اليوم؟
فقد محوتَ وجهَكَ القديمَ من ذاكرتي
واستبدلتَ به
خطوطًا جامدةً
ارتسمتْ عند باحة "رابعة العدويّة"
التي أطرقتْ في صمتٍ
يليق بالمحنةِ القادمة،
ثم أغمضتْ
حين التصقَ وجهُكَ بصدرِها
شاحبًا كقديس،
ينسربُ بياضُه من الأصابعِ
في وهنٍ
يشبه الحروب الباردة.
أيها المشجوجُ بفأسٍ
ألابدَ أن نلتقي؟
في مرسمِ البنتِ التي غدرت بكَ،
وغاصت في الدائرة التي رسمتْها بالأمس؟
البنتِ التي أطاحتْ بحُلمِكَ
ثم صالحتْكَ بريشةٍ
ورزمةِ أوراقِ فارغةٍ؟
مغدورةٌ أنا مثلك
شجَّني ولدٌ
ثم فرَّغَ بالمثقَبِ جُمجمتي
ليملأَ موضعَ الفوضى
لونًا وقشًّا
وكثيرًا من الصمتْ.
كان لي ولدٌ
كان لي ولدان
سرقتْهما دائرةُ الطباشير القوقازية
ألهاني ألمُ الرأسِ عن جذبِ ذراعيهما
فضاعا.
للصامتين أن يلتقوا مساء الأحد
في مراسمِهم التي أعدّوها على عجلٍ
قبل أن تبتلعَهم الدائرة التي،
لا تنمحي.
لكن ذوي الشجِّ
يمتنعون.
بوسع المشجوجون
أن يلملموا الترابَ والبنَّ من الجبل
ليسدوا الشروخ في أعماقِهم،
بوسعهم أن يساوموا دودةَ القزِّ
علّها تتقيأُ شيئا من التوتْ
الذي ادخرته في جوفِها
ثم يدارون سوءاتِ رؤوسِهم المصدوعةِ
بأوراقه الخضراء.
"مها" ستعود يومًا،
حين ينفلتُ "مازن" من الأنشوطة الخائنة
وحين يتكلم "عمر" ليهتفَ:
أيها الرجل
كيف استطعتَ أن تحوّلَ المحنةَ
إلى لونْ !!