طفل القرى - محمود أمين

..
..
.. قادما من بياض السريرة
ذاهبا فى بقايا الرماد
يستر الليل عريه
.. والمنافي بلاد
..
..
يأتي علانية
بلا لغة
فيخلع روحه في الليل
يلبس قبره
ويسير متكأ على أضلاعه
كالرمح يدخل أبجديات المدن
بيديه جثته الأخيرة
وهو يركض فى فضاء ليّنٍ
تحدوه نرجستان
من شفق ٍوماء
طفل القرنفل
جاء من بدء التشكل
فارعاً .. كالحزن
رهّاجاً ..كفاتحة الغناء
كان يغرس عمره ..
ويمر فيه
مرصعاً بدم المهاري ..
والبراري
حين يدخل فى شقوق الأرض
يخرج من حوافيها نوارس
ترتدي مطراً
وتصعد..
راحلاً..
نحو الأماسي البعيدة
والقصيدة .. أخته
متمازجان
وآمران
كأنهم فى زهوة الريحان
والتيجان
سيدة .. وسيد
ينحلّ من ليل العراق
صبابة
ويهل ّ فى جسر الرصافة
للمها .. وعيونهن
فتى ..حسيني الهوى
خصب التوجد
ناداه حلمٌ..
عندها..
مسّ النهار جبينه المحتدّ
أيقظ قلبه المسكون بالأخضر
وكان النهر يسبقه..
ويوسع فى الظما الممتد
كي يعبر..
قدماه سنبلتان
والنبع القديم على فراغٍ
يبتعد
و( سليم ) فاصلة الندى
للهاجس المائي..
آس النهر..
ميزان البراءة ..
نطفة منة خصب
روح لايلائمها جسد..
و( سليم ) مشكولٌ على جرحين
مسفوح ٌعلى أفقين
حدّهما..غمامٌ
أو زبد..
ويظل يكبر
كالمآذن فى تبتلها
كأوجاع البلاد
كرعشة الصوفي
عند مداخل الأوراد
ثم يشف
حتى ينتهي فى اللاأحد
و( سامراء ) عشب الروح
حالٌ يقبل الضدين
ساقية على قلبين
تنزح من حنين الروح لؤلؤه
وتسكب رهجها الأزلي
في جهة ..بزاوية الأبد
لكأمها كأسان في موال
راغا من أباريق الغناء
ولوّنا مرج العواصم..
وسامراء أول طعنة
فى خصر عاشقة
تذهّبها مفاتنها..
وآخر ماتكسر من مواسم
وسليم قادم
مثل أول عاشقٍ
وشم القوافل بالحداء
متوجاَ بالاشتهاء..
سبيكة ٌتدنو..
..
..
( شمّر فؤادك
موسم النار اقترب
والليل أوّله خرافة
ثم آخره .. غضب )
..
..
لم يقترف وطناً
ولم يسحبه طفل الريح
نحو الريح
أشرف من فضاء الارض سهواً
بينما العشاق يفترشون أحلام الصبايا
فاكترى حلما..ونام
مثل نهرٍمن عقيق
زبرجدٍ غطّى سهول الليل ..
سارية ..
قوافل من توجع..
فاصلٍ من بوح
قطفٍ من غمام
..
..
الأرض فارغة
وسرب الطحلب الليلي غطّى حبّتي عينيه
يصعد فى اتجاه القلب
ينقش ماتكدّس من رخام
( أي ريح ٍٍ اطفأت تفاح قلبي
فاستبد به الحنين..
عشبي الليلي يذبل ين أيديكم
وأنتم تورقون..
كل خبزٍ لايعمدني بماء الجوع
..آثم
كل سنبلة تعرّت للجياع
خطيئة تمشي..
هذا قميص الرمل ضاق
عن الصحاري والمدى
وأنا هنا ..طفل ٌنهاي الملامح
قد تقوّس عمره
والقلب جامح
فافتحوا الأرض العصية باسمنا
تلك التى لاتستحي أن تنبت الأبناء
ثم تردهم فى احشائها شهداء
مثقوبين في أرواحهم
بدم الغياب
والأرض عاشقة
تراودنا..
فنعطيها يواقيت العيون
فلانخون
والأرض تابوت ٌلمن لايولدون
شرانقٌ.. من صمت
مرأة ٌ لظل الميتين على التراب)
..
..
( كل المنافي مغلقة
كل المداخل تستعد إلى الرحيل
فاصعد حبال المشنقة
ياأيها الولد الجميل )
..
..
نهضت رقية بعدما
اكتظت عناصرها
ومالت نحو عاشقها
تلملم حلمه الغافي
تلونه بكحل الليل
تمزجه بنعناع الحقول
( عيناك .. أحنى من رصاصة
ويداك أطهر من قتيل )
والآن سامراء
فليتحسس النخل القديم
مداره الأبدي
وليتراجع الموتى قليلاً
عند أول حافة للموت
لتصب كل الأرض في جهة
إلى حيث الفتى يغفو
(فكأنه ..للأرض .. ريحانة
ودماؤه..فى رملها ..قُبَلُ
إن صاحت النخلات : ظمآنة
لترقرقت .. من ريَهَ.. مُقَلُ )
ويعود نحو البدء
روحاً ترتدي جسدا..
ويرحل
كان يمعن في التلاشي
نحوشئٍ ..لانراه
وخلفه
يمشي هلالٌ
ليس ينضجه
مساء