الحُزْنُ جَادَ أَبًا - سعد الياسري
لَمْلِمْ هُمُومَكَ ، وَ اُنْثُرْ كَرْبَهَا شُهُبَا
وَ اِضْرِمْ يَقِينَكَ شَكًّا يَهْتِكُ الحَطَبَا
يَا مَاشِيًا بِخُطَاكَ الدَّرْبَ تَهْصِرُهُ
فِي زَحْمَةِ الخَطْوِ فَجْرٌ تَاهَ ، ثُمَّ خَبَا
نَجْمٌ كَأَنَّ سَمَاءَ اللهِ تَنْبِذُهُ
لَيْلٌ تَغَشَّى بِثَوْبِ الحُزْنِ ، وَ اِنْتَحَبَا
بِئْسَ الأَنِينُ ؛ أَمَا فَارَقْتَ مُنْتَحِرًا
كَالْوَعْلِ زَمَّ قِيَادَ المَوْتِ وَ اِنْتَدَبَا .. ؟
سُودٌ ثِقَالُ بِرَبْعِ النَّبْضِ مَوْعِدُهَا
مَا خَالَفَتْ وَعْدَهَا يَوْمًا ، وَ مَا هَرَبَا
وَ الضَّابِحَاتُ ؛ خُيُولُ الفَقْدِ مَا نَكَصَتْ
وَ الرَّاكِبُونَ أَذَابُوا سَرْجَهَا طَلَبَا
صَالَ الحَنِينُ كَسَيْفٍ نَاضَهُ أَعْمَى
أَشْرَى ؛ فَمَا سَفَكَ البَلْوَى ، وَ لاَ اِخْتَضَبَا
أَهْدَى الوَتِينُ دِمَاءً لَسْتَ مُبْصِرُهَا
وَ اِسْتَهْتَرَ الصَّبْرُ تَقْرِيعًا بِمَا وَهَبَا
فَسِرْتَ سَيْرَكَ أَلْتَنْأى مَقَاصِدُهُ
وَ رُمْتَ حَجَّ دِيَارِ المُشْتَهَى ؛ فَأَبَى
لَوْ طَالَ ظِلٌّ ؛ فَكَفُّ الشَّمْسِ تَبْتُرُهُ
دَأْبُ النَّدِيِّ يُبِيدُ الزَّادَ وَ النَّشَبَا
غَبْنٌ يَسُفُّكَ حَيًّا فِي مَكَائِدِهِ
حَتَّى اِعْتَرَاكَ فَنَاءٌ ؛ جَالَ مَا اِحْتَجَبَا
وَ الشَّامِتُونَ ؛ دُفُوفَ العَهْرِ قَدْ نَقَرُوا
وَ الحَاسِدُونَ زُعَافٌ نَزَّ ، مَا نَضَبَا
وَ الجَاثِمُونَ غُرَابًا حَيْثُمَا وَفَدُوا
مَا لاَحَ ضَوْؤُكَ إِلاَّ صَوْتُهُمْ نَعَبَا
هَزُّ الجُذُوعِ غَدَا طَيْفًا ، وَ نَخْلَتُكُمْ
عَجْفَاءُ مَا حَمَلَتْ أَعْذَاقُهَا رُطَبَا
فاجْمَعْ هُمُومَكَ ، وَاسِ الدَّهْرَ إِنْ ثُكِلاَ
فَالْهَمُّ جَادَ أَخًا ، وَ الحُزْنُ جَادَ أَبَا .. !!