زهَتهُ الملاحةُ حتى سفرْ - مصطفى صادق الرافعي

زهَتهُ الملاحةُ حتى سفرْ
وخلى الدلالَ لذاتِ الخفرْ

وباتَ يسامرُ أهلَ الهوى
وقدْ طابَ للعاشقينَ السمرْ

يحدثنا عن بني عُذْرة
ويروي لنا عن جميلٍ خبرْ

وليلى وعن حبِّ مجنونِها
وعمن وفى للهوى أو غدرْ

ويذكرنا فعلاتِ الردى
بأهلِ البوادي وأهلِ الحضرْ

كحظِّ السعيدِ إذا ما ارتقى
وحظِّ الشقيِّ إذا ما انحدرْ

أرى كل شيءٍ له آيةٌ
وآيةُ هذي الليالي العبرْ

فيا قمرَ الأفقِ ماذا الزمان
جيلٌ تخلَّى وجيلٌ غبرْ

ويومٌ يمرُّ ويومٌ يكر
فآناً نساءُ وآناً نُسرْ

بربكَ هل بالدجى لوعةٌ
فإن غابَ عنهُ سناكَ اعتكرْ

كغانيةٍ فارقتْ صبَّها
فأرختْ غليها حدادَ الشعرْ

إذا ما سهرنا لما نابنا
فما للنجومِ وما للسهرْ

أترثي لمن باتَ تحتَ الدجى
يُقَلِّبُ جنبيهِ حرُّ الضجرْ

على لوعةٍ يصطلي نارَها
وحرُّ الهوى في حشاهُ استعرْ

وقد بسطَ البدرُ فوقَ الثرى
بساطاً فنامَ عليهِ الزهرْ

إلى أن طوتهُ يمينُ الصَّبا
وقد بللتهُ عيونُ السحَرْ

وباحَ الصباحُ بأسرارهِ
فحجبتِ الشمسُ وجهَ القمرْ