تميلُ بالأفلاكِ مثلي آمالُ - مصطفى صادق الرافعي

تميلُ بالأفلاكِ مثلي آمالُ
فيُظلمُ أم هذي الحنادسُ أهوالُ

تبوأ عرشَ الشمسِ غصباً وردَّها
لها الغربُ والإظلامُ سجنٌ وأغلالُ

وشد على هذا النهارِ فلم يقفْ
وأطلقَ من ساقِ النعامةِ أجفالُ

وشقَّ لهُ في الأفقِ فانسابَ هارباً
كما انسابَ في بطنِ الجداولِ سَلْسالُ

وذابَ الدجى أن تفزعِ الشمسُ فزعةً
تنيرُ لها من بعدِ ما اسودَّتِ الحالُ

يوصدُ أبوابَ السماءِ وإنما
عليهنَّ من هذي الكواكبِ أقفالُ

ولو كانَ ذا قلبٍ شجيٍّ لظنَّها
مليكاً في هيكلِ الحسنِ تمثالُ

وما خلتُ هذا الكونَ إلا كوجنةٍ
عليها الدُّجى فيما أشبههُ خالُ

فيا شمسُ هل مزّقتِ ثوبكِ عندما
نُكبتِ وهذا الغيمُ في الأفقِ أذيالُ

أم انتشرتْ منكِ الحليُّ لعثرةٍ
وهذا الهلالُ الساقطُ النصفِ خلخالُ

وهل حالَ منكِ الوجدُ فازددتِ صفرةً
وحولكِ من هذي النسائمِ عذالُ

لئن صرتِ معطالاً فكلُّ مليحةٍ
كمثلكِ تمضي للكرى وهيَ معطالُ

تُودِّعُكِ الدنيا وتستقبلُ الدُّجى
كما ودَّعَ الأمَّ الرحيمةَ أطفالُ

وما الليلُ إلا ظلمةُ الهمِّ عندَ من
أقامَ وأوفى من يحبُّهم زالوا

علامَ يطيلُ الليلُ بي من وقوفهِ
فهلْ أنا مما شفًّني الحبُّ أطلالُ

كأني بهذا الليلِ قد كانَ وجهُهُ
لأهلِ الهوى فالاً وقد صدقَ الفالُ

مساكينَ يحتالونَ فيما أصابهم
وفي أمرهمْ دهرٌ كذلكَ يحتالُ

فيا ليلُ خلِّي الصبحَ يهدي نفوسَنا
إلينا فأرواحُ الورى فيكَ ضُلاَّلُ

ولستُ بمكسالٍ تدلُّ وإن تكنْ
فما أقبحَ الوصفينِ سوداءَ مكسالُ