مشنقة الشعر - أكرم التلاوي

لم أدعي أني نَبيٌّ أو ملاك ..
أو أنني المفطوم ُ عن نَهدِ الذنوب ِ بلا ذُنوب
أنا شاعر ٌ والشِعرُ أكبَرُ تُهمة ٍ ..
فيها يُزَجُ المرءُ إن لم يَجتبيه ِ الله ُ في قاع ِ الهَلاك ..
لا تفرحوا بخطيئتي وتُعظِّموا ذنبي
أو تنصُبوا لِمخارِج ِ الأبيات ِ في قلبي شِراك
أنا شاعر ٌ أوقَعتُ شَيطاني بِفَخِي
وَعَلِمتُ أنهُ لا يَجِيءُ مُناجِياً في من هَوا ..
لكِنَهُ يأتي بِخَلوة ِ عاشِقٍ في من هَوا ..
فَعَشِقتُ عَزفَ قريحتي وبِها اختليت ..
فأتى فكُنت ُ أنا وقافيتي وثالثنا هُوَ
ها قد فَرغت ُ من الحَديث
سأبتدي بالشِعر
فإذا انتهيت ..
فلتُعلِنوا للناس ٍ عَن ميلادِ قصيدتي
وإذا انتهيت
فلتعلنوا للناس ِ أني قد قَضيت
ولم أتِم َ جَريمتي فلقد هَويت ْ .
يا أيُها الماضي بِشِعرِكَ للسَواد ِ مِنَ السَواد ِ
وَصَبَغتَ مِنه ُ صحائفا ً وبِه ِ كَتَبتَ مِن المداد ِ
لا تسألن َّ لِما قَبَعت ُ أنا
وأنت َ عَلوتَ حتى قد وصلت َ إلى السماء
إنا خُلقنا في زمان ٍ يرتقي فيه الغُثاء
فأنا الذي لم أمتهِن بالشِعرِ أعراض َ النساء
وأنا الذي لم أنتعل عقلي وأفكاري حِذاء
وأنا الذي لم أستطِع كُفرا ً وأنت قد استطعت
ورحت َ ترجم ُ في وقار ِ الأنقياء ..
وأنا الذي لمَّا شَذَذْت َ عن الطريق ِ لتعتلي ..
شَذَذتُ عن ذاك العُلا ورَجَعت ُ أكمِله ُ الطريق َ بلا بريق
وَعلمت ُ أن الشِّعرَ أكبرُ مَغنَم ٍ ..
وَعلِمت ُ أن الشِّعرَ أكبرُ إبتلاء
وعلمت ُ أنهما وإن بديا سَواء
ليسا سَواء
الشِّعرُ مشنقة ٌ
وفيها قد تَعَلقنَّا تَسَلَقنَّا تَمَلَقنَّا تَدَفَقنَّا تَألقنَّا
والفرق ُ بين تَعَلُق ٍ وتَسَلُق ٍ وتَمَلُق ٍ وتَدَفُق ٍ وتألُق ِ
كالفرق ِ بين َ الخائن ِ المشنوق ِ عُهرَا
والقائِد ِ المشنوق ِ غَدرا
هُمْ مَيتَين ِ وإنما
" صوت ُ الشريف ِ مُهلهِل ُ "
حتى وإن مِتنَّا على ذات ِ الحِبال ْ
حَسبي بأنَه ُ لن يَكون َ لنا لِقاء