منذ ذاك المطر - عبدالرزاق عبدالواحد

كنت طفلاً أنام على السَّطح في الصيف
في بيتنا في العماره
كنتُ أسبحُ بين رحابِ الفضاءِ
وأحلم
أرحل بين الغيوم،
وبين النجوم،
وأحلم
في أيَّما نجمةٍ يسكن الله؟!
..
كان المعلّم يخبرنا
أنَّهُ فوق كلِّ النجوم
وكلِّ السحابْ
وهو في كلِّ باب
فإذا ما دعتهُ القلوبُ، استَجابْ
..
يا ما تلمَّستُ جنبي
وتمنَّيتُ من كلِّ قلبي
لو أرى الله..
ثم أنامْ
حالماً بألوف الكواكب تحملُ فوق الغمام
عرشَهُ، وهي تسهرُ وسْطَ، الظلام..
..
ليلةً،
كنت أَوشِكُ أغفو
عينايَ في غيهبٍ تَسبحان
وصوتُ الأذان
والكواكبُ تنأى وتطفو
..
فجأةً مرَّ سهمً من الضوءِ لِصْقَ القمَرْ
تاركاً جرحَهُ في السماء
لست أدري لماذا تخيَّلتُ أنَّ الدماء
ملأت مقلتيَّ،
وأنَّ المطرْ
سوف يهمرُ ذاك المساء..
وانهمَرْ..!
..
ذاهلاً كنتُ،
الغيثُ يَهمي
وصيحاتُ أمّي
وأحسستُ في عنفوان المطَرْ
أنَّ قلبَ السماء انفطرْ
وتسَّربَ قنديلُ ضوءٍ
رويداً تدَلَّى
ومَسَّ سريري وصلّى..
ورأيتُ المعلم يبسمُ جنبي
بينما اللهُ يملأ قلبي
فمدَدتُ يدي نحو صدريَ أحضنُهُ
بينما صوتُ أمّي
وهي توقظني وتُسمّي
يردّدُ:
سبحان ربّي
يمرُّ الشتاء
كلُّهُ دون ماء
ثم تمطرُ في شهر تموز؟؟
سبحان ربّ السماء..
..
منذ ذاك المطرْ
وأنا مؤمنٌ بالقدَرْ
مؤمنٌ أنَّ ربي بقلبي
وأن الطريق إليهِ نقاءُ البشَرْ..!