حنظلة - فهد دوحان

- هذه القصيدة كتبت في سبتمبر / 1987 م ، بعد اغتيال فنان الكاريكاتير الفلسطيني الكبير ناجي العلي في لندن في أغسطس 1987 .
يا حرفي الواقف على باب الشهيد
مدري ... تخاف القبر ،
ولاّ القبر في عينك تشوفه مرحلة
فيها الثبات / الزلزلة
لأنه الوحيد اللي تواسى عنده السلطان .. والراعي .. وحل المسألة !
ويا قبري الواقف على حدّ الحروف المقبلة :
لأنك القرار ولا معاك أحد تصير النار بثيابه سلام
اخترتك أدرى في جناحي
تتعب الريح
وتجف الشمس في جلدي
ويبقى .. " حنظله "
يا حنظله :
من قلت لي : " ردّت قوافلنا من الشام "
انتبهت !!
أدرى عيونك صارت أوسع من صحارى
كانت دموعك نعام !
وصوتك المتعب تراخى
نام ...
يا هذا الزحام الممتلي فينا جهات مقفلة ...
ردّت قوافلنا بنفس أصواتنا
والأسئلة ..
يا حنظله :
تعال نمشى في المداين
في البيوت العالية
بين الشوارع ..
يمكن القى ، واقدر أسرق من مفاتيح التعب كل المفاتيح القديمة
وافتح الأبواب ..
أبكتب في القلوب الخالية :
طعم العذاب من الغياب
أبصرخ بالحياة الباليه :
ما كان " ناجى " صاحب الوجهين - لو مرّه -
ولا رمى السكين في وجه الحمام
كانت سنينه من عتب
والوانه .. خيول .. وظلام ..
أو باختصار
كان اختصار الكل
أو كل الكلام !!
كل الليالي مالحة
مثل الجروح المستريحة في سوالفنا
وبين أقلامنا
وأقدامنا المتناثرة
ما لامس عيوني جسد في هذى الغربة
مثل هذا الرمد
وأقرا الملامح في ثياب تنتظر ..
يمكن أحد ..
يمكن بلد ..
ويمكن ..........
بللّتني بالمناديل .. الثياب
ولوّحت لي ... مسافرة !!!
أستجمع اليابس من الأخشاب في صوتي
وافتش في حطام الذاكرة
أفتش عن حطام الذاكرة !
كانت صراخ أغراب ..
كانت نعيق غراب :
منفيٍّ بلا منفى يليق بصرخة الفنان ،،
،، موظف في جريدة باردة ..
ترمى براتبها وكتاب الشكر واستغنائها الباهت عن الألوان
والمنفي بداخل أربعة جدران
أربع منصّات يتعلق في زواياها جسد إنسان ،،
منفى جديد أكثر أمان
طلقة تمادت في الحلول ورتبّت فوضى الأماكن
والبلاد اللي بكى فيها
و" عين الحلوة " الأبعد
وطفل حنظله :
العلقم الأحلى بتاريخ الرحيل المُر
والأكثر وضوح من إصبعين .. ومن علامة نصر
تركض للزناد !!
وتنهي الفوضى بطلقة فاتنة !
ملعون هذا الغرب يا ناجى
تهجاك وقرا كل الخطوط بكفك
ولا كذبك ،
ولا عرف معناك ،
ولا نساك !
أفتش في حطام الذاكرة
أفتش عن دخان ...
أفتش عن .........
.................
لا جيت ضيف لبلدتى يا حنظله تعبر المكان ،،
وكان ياما صاحبك يعبر حدود الرمل وتفيض الخزامى
قلت لك :
لا تشرب الفنجان
واسأل عن حدود الرمل
( واللي كان ) بالعطر يتنامى
اترك الركبان
فتّش في بطون الإبل
في كل الجلود اللي تبدل لونها .. في هذى الوديان
بغراب يدارى لوحتك
في عنكبوت ينسج الجدران
في كل الثبات وكل هذى الزلزلة
تظل وحدك حنظله ،..
غريب في ( اليوتوبيا ) مدينتي
هذى المدينة الفاضلة
أميرة القرى
مدينة الزجاج القاحلة
وأعشاش الطيور الراحلة
والبحر أبو الأسرار
صار كهل
وكان عاجز يحتمل بحار !
يا مصابيح المدينة
هذي الظلما الحزينة صاخبة
لا نار لا سمار ...
يكفِّى هذى العتمة
مصابيح المدينة شاحبة
أدّور الأشجار
كانت هاربة
أنادى :
يا الديار اللي بقيتي رمل
ما صرت ديار
أنادى :
يا الديار اللي رجعتي رمل ، ما رد النهار
رمل وقبايل ينكسر في دربها مليون عار
رمل وخطى مرّت وخلّت من وراها أسرار
رمل وبلاد تختصر فينا النهار
رمل ونهار يختصر فينا البلاد ، بغرفة ظلما
ستاير .. وانتظار ..
رمل ولا لك صاحب بالغار
رمل وظلّت وحدها الأسوار
إرحل وكون الاختصار
كون اختصار الكل
أو كل الكلام !!