العامرية - فهد دوحان

المكان اللي أعَرْف إنّي لقيته مو مكان
والحبيب إن ما يجيني غصب .. ما بيه برضا..
أكثر المرات لو نقسى على طفل الحنان
ما يطيب الهيل إذا ما مسّته نار الغضى ..
أقرب أحبابي عليّ أبعد من حدود الزّمان
كل ما قلبي بحبيبي يمتلي قلبه فضى!
****
هذي الليلة خطيرة..
هذي الليلة تراخى جمرها تحت الرّماد..
وكلّنا بارود..
أجل ما هو مهم إني أعلّل دايم الأسباب
أكون أسرفت في معنى السحاب ..
أنا اكره أقفل كل باب
وافتح أنهارٍ من الملح بعذوبتنا الصغيرة.
هذي الليلة خطيرة..
هيّأت لي في نهاية « الرفض » المكان
وهيّأت لي « بالقبول » العرش والسلطان ..
لكن:
من بقى بالحالتين إنسان؟!
****
لا تهزّين الظفيره!
لا تهزّين الفتيله ..
دثّري البارود في صدرك وخليّني لحالي في الرّماد
أفجّر البارود والبرد اتركيني !!
****
مو غريب إني اشتهيت نميل مثل الخيزارن
وتغرسيني من جديد بكل شبرٍ بالفضا
الحياة تراب وانتي غيمةٍ من زعفران
عذبة الأنفاس كيف أقوى على هذا اللظى؟
ما غرق بك كود من لا مات بك .. شاف الأمان
هذي اللحظة عظيمة لو تعيدين القضا..!!
****
فعلاً الليلة خطيرة أو على حد الشّرار ..
واحياناً أكثر ما أشوف الضعف هذا الانتظار ..
مفردات : (الصبر) و( الحلم )..
أكبر استهتار بالشاعر وبالإنسان
ومثل الانهيار ..
وليلة ما تِحِبْ تشوف عرس للبارود ..:
هات النار!!
****
لكن الأشياء في الدنيا إذا ما صارت ابعد
صارت أعظم .. أو تلاشت..
حتى لو كانت تلاشت..
في البعيد هناك عاشت..
خلّتك تصعد بلا أوتاد
وتَنْزِلْ كل رغبات العفن
وكل الطين في رجلك..
وتنزل الأصفاد والأجساد
ويصعد أول الميلاد
وصرتوا هناك بس اثنين وثالثكم ملاك!
تصعد أبعد
ابعد ..
ابعد ..
ترتفع عن كل ممكن باتجاه الأبعد
أو المستحيل !!
****
كل دربٍ دلّني درب الضماد القاه ضيّعني..
وانتي :
ليت لو تدرين عن قسوة ضمادك ليه صار أقسى عليّ من الجروح
وظل يوجعني !
وأنتي :
آه يا أنتي
كنتي أكثر من جمعني
والملاك اللي منعني ..
والهلاك بكل معنى وكل ما تعنين ..
وأعني !!
كل ما فيني ملوّعني ..
وخايف ..
لو تعوّد طفلي لصوتك وظل الطفل
يتعوّد .. ويَطْوَل ..
كل يوم أكثر من أوّل
وتتركينه في سريره للمراجيح الحزينه !
كم يبي يبقى الدفا لو تحضنينه
أو بستي جبينه
أو اخذتي تهدهدينه؟!
كنتي أكثر تذبحينه!
****
ليه انا مطفي وغصن الخوف بشفاهي تناما ..؟
كنت ياما
وحدي أجمعني
ووحدي كنت – ولليوم – اتراما ..
والضّيا من يوم ما طفّى عيوني واشعل الّليل بطَرفْها
ظلّت عيوني بيوت
وكانت جفوني ستاير
كل ما هبّت رياح الدّمع خلّتها .. تواما !
ليه يا الغصن إتناما..
ناشبٍ بالريح ما اذكر متى شفت المطر ..
أوشمت جروحي خزامى
ليه قلبي كل ما افتح له شبابيكه تعامَى؟!
علميني ليه كل هذا يكون ؟
وليه «يا ليلى» سكنتي داخل الدنيا
وانا خارج حدود الكون
ويكفي ..
إيّه يكفي احتفظ في نصف نصفي
لا تدلّت دمعتي مثل العناقيد الثقيلة ..
لو تحرك غصنها..
ولاّ تنفّس ريح ..
أو أشّرت بأصبع
كان يكفيها تطيح !!
هي الليلة هي اخطر ما يكون الكون
وْلاهو بالمهم إنّي أعلّل هذي الصحرا..
إذا ما كان كل الرمل .. متبلّل
وصار اللون غير اللون ..
والمجنون يهذي بالديار ..
وكل أنثى عامريّه !
آه يا ليلى بقى مجنون واحد
وانتي بآلاف الوجوه العاقلة
والفساتين الطويله..!!
لما كانت في مرابعنا الإبل ترعى معانا
«وناقتك تعشق بعيري» (1)
وما سمعتي شعر غيري
وعشق غيري
يوم ما كنتي تغطين الجديله ..
كنتي اكثر من جميله !!
ليه صرتي مثل كل الناس ..
ليه انتي كبرتي؟
ليه إذا زادت ملامحنا سنين جداد
ما نزداد .. كثر اللي خسرنا؟
وانتي أوّل من خسرني يوم انا:
«يممت في وجهي اذا صليت» (2)
لمّا كان العقل في المجنون لمّا:
أنتي بلا حُب سافرتي وحُبّك كافرٍ
«لما ابتلانا» (3)
«أمر على الديار أحدث النفس الحزينة
خاليا»(4)
«كل الليالي» كلها .. وسهيل لو يبدي عليك .. والتقى
بالشام .. ما يرجع إذا ما كان دمعي له
«يمانيا»(5)
وحدي ادوّر عن «مداويا»(6)
«ولا أنشد الأشعار إلاّ للتداويا»(7)
«ياخليليّ وفي "ليلى" قضى الله
ما قضى ليا»(8)
فيك ما يكفي يا ليلى وفيني
«ما كفانيا»(9)
****
انتي اكبر من جروحي .. هذي الليله
وأولها ..
واكبر من كبيره..
يمكن الليلة خطيره..
بس ..
للمرة الأخيرة!
* 1994
هوامش:
(1) للشاعر المنخل اليشكري
(2-9) من وحي قصائد قيس بن الملوح