رقيب داخلي - عدنان الصائغ

منذُ الصباح
وهو يجلسُ أمامَ طاولتهِ
فكّرَ أنْ يكتبَ عن ياسمين الحدائق
فتذكّرَ أعوادَ المشانق
فكّرَ أنْ يكتبَ عن موسيقى النهر
فتذكّرَ أشجارَ الفقراء التي أيبسها الحرمان
فكّرَ أنْ يكتبَ عن قرنفلِ المرأةِ العابقِ في دمه
فتذكّرَ صفيرَ القطاراتِ التي رحلتْ بأصدقائِهِ إلى المنافي
فكّرَ أنْ يكتبَ عن ذكرياته المتسكّعةِ تحت نثيثِ المطر
فتذكّرَ صريرَ المجنـزراتِ التي كانتْ تمشطُ شوارعَ طفولته
فكّرَ أنْ يكتبَ عن الهزائم
فتذكّرَ نياشينَ العقداءِ اللامعةَ على شاشاتِ الوطن
فكّرَ أنْ يكتبَ عن الانتصارات
فتصاعدَ في رأسهِ نحيبُ الأرامل
ممتزجاً برفاتِ الجنودِ المنسيين هناك
................
.........
في آخرةِ الليل
وَجَدَ سلةَ مهملاتِهِ مملوءةً
وورقتَهُ فارغةً بيضاء