من سيهز الآن اللحظة - معز عمر بخيت

و سقط الظل بخلف الشمس وجف البحر ..
الصبر استشهد حين تولّت سبل الفرح
و ذبل الدهر
يا حزن الغابة و الأشجار و رمل النهر ..
لو انى اعرف كيف اقود
شعاع القمرِ و اركب زهوا ً
موج اللحظة و الاحساس ..
لو انى أدرك ان الزمن الخارج
من عينيك لكل الدنيا
ينزع منّا وجد الناس
لهربت اليك و حولى سحبك
تمطر جوفى بالايناس
و صعدت مدارَك علِّى اصدح
فوق سمائك كالأجراس
من أين اتيت وكيف تولّى وجهك عنّى
يا من فتح المجد اليك طريق النور ..
الطيب يفوح على اغصانك
و المستقبل حفّ طريقك بالبلور
يا قصب السبق أراك تبلّل
وجه الماء ببعض حبور
السبب النائم تحت فراشك
غلّف حدسى بالاعصار ..
و المطر ينوء و ريح حنينى و التيار
لا زال الجرح الدامى عندى
ينضح أملا و استنفار
يا صدف البحر ارى عينيك
تغازل حزنى
تشدد خطوى صوب النار
حولىِ ماؤك ثلج بكائى
ذهب القدرة و الإصرار
دارى دارك والاسوار قلاع جدارك
شط جحيمك و الأقدار
و الأنسام و جزر الغيب
تلوّن صمتى بالأسرار
فكيف يذوب صباح الشوق
وكيف تفيق ربوع الدار
يا هذا الشبح الساكن زمن الفرقة و التبريح ..
افرد ثوبك للأيام و قم و استقبل
صوت الريح
القلم الرابض بين يمينى
خنق عبيرى بالتلميح
حدِّث اشواقك ان تبتاع
ربيع العمر حديقة لحن
آه َ جريح ..
من ينبئك بغابة صبرى
وتر الصحوة ردد طربا لحن الشوق ..
الزمن يدور على كفّيك
وجفن الغفو على أطلالك
عاد يظلّل بهو التوق
من يتوسد رمل المطر الراحل عنا
مسلك تيه و استجداب ..
لست أخالك يا أحزانى
حزمة ضوء تعبر دارى كى تنساب
عدت فقيراً فقر الزمن الخارج منا
للمستقبل بهو يباب
حيرىَ سُبلى و الأنفاس تسيل حنانا
دمع نام على الأهداب
جرجر تيهى سبع الوله
و كفكف وجهى حزن الغاب
و الأزهار و جدول عشقى
حولك ترشف ماء سراب
قم يا جرحى و استقبلنى
بعضى منك بحار عذاب
و بعضى نهر من إطْراب
سال عليك فهام و ذاب
صمتى تاه و جف سؤالى
غام نهارى خلف شهاب
يا زمن الغيب الآتى سراً
جئت اليك و كُلّى و له و استلهام ..
فجّر عفوك نبع الوحى
و أشعل همسك نار هيام
صدر الأرض انشطر بريقا
افق السحر بطرفك نام
و الأغصان السكرى رقصت
زهوا لهوا و استقدام
رام الزمن الجارف غضبىِ
و المستنقع و الأيام
حتى الموتى و الأحجار
و حطب الثورة و الآلام
ضاء الكون بوجهك حسنا
شاب الطلل على الأنسام
جرَف المدُ تراب الوقت
و شفق الغيم توسّد بينى سطح الحزن ..
صار الزمن بقايا حرف
يرضع ولهاً صدر المُزن ..
غط َّ رحيلك عرش الرؤيا
فجّر بصرك وجه الليل ..
نهض الموكب حين اشتبكت
فى الأهوال خيوط الويل
اخفق طيرك حين تولى
فرس النهر قطيع الخيل
تستقبلك رُبا السافنا
و الأوراق و وله الميل
كنت أعود اليك برحل
يسبق نحوك زحف السيل
كان جفاؤك طفل الظلم
و عطف سماحك قدح الكيل
كان الناتئ منك الأنفُ
و وجهك كان بخلف الظهر
و فوق الجبهة برز الذيل
سقط عليك الرطب النامى
و الأنهار دموع الرهبة و الخفقان ..
ظل الجمر حصاة البوح
و عبق البرهة ولهاً كان
كنت أخالك يوم البدء جيوش الرقة
تل عطاء موج حنان
كنت أخالك سحب العزة
وهج نضارٍ و استحسان ..
رحل الوعد و ذاب السعد
و تاهت فيك رؤى الانسان
رسم الشعر عليك حروفى
جرسا يقدح بالأشجان
فاشدد رحلى و استودعنى
بعدك اهجر كل مكان
فهل ستهز الآن اللحظة
تثقب جدرى بالعصيان
وهل ستعانق سفنك شطّى
كنف ينضح بالغفران
لست اكذب حدسى بعدك
ليس العشق سهول أمان
وليس الفرح سواك ملاذ
ليس العمر رحى الأزمان