سلاماً.. يا جسرَ الكوفة - عدنان الصائغ

يا جسرَ الكوفةِ.. اذكرني
إنْ مرّتْ محبوبةُ قلبي
تسألُ عني النهرَ.. وأشجارَ النارنجِ
وكلَّ عصافيرِ حديقتنا
في عينيها الضاحكتين.. قرأتُ قصائدَ حبي الأولى
ورأيتُ مروجَ بلادي.. تضحكُ تحت الشمس
وكتبنا – يالله – معاً..
فوق جذوعِ نخيلِ الكوفة..
اسمينا المرتعشين
هل تذكرُ – يا نخلَ الكوفة – موعدَنا الأولَ
هل تذكرُ أشعارَ السيابِ.. وعينيها الماطرتين..
.. وقلبي
هل تذكرني..!
كنتُ صبياً
أجلسُ تحت ظلالِ التوت
منتظراً.. خطوتها الخجلى
في وجلٍ عذبٍ
أكتبُ فوق سياجِ حديقتهم..
.. بعضاً من أبياتي
علَّ معذبتي.. تقرأُها
.. حين تمرّ..!
فترقُّ.. لحالي
*
يا جسرَ الكوفةِ..
لوتدري..
يا جسرَ الأشواقْ
…… كمْ أشتاقْ
قسماً… لو أبصرها
سأعانقُ.. كلَّ عمودٍ
وأبوسُ.. نخيلَ الكوفةِ
جذعاً.. جذعاً
وأذوبُ عناقْ!
*
يا جسرَ الكوفةِ
خبّرني.. عن محبوبةِ قلبي
أحملْ – كالريحِ – سلامي
املأْ عيني.. بظلالِ ضفائرها
دعني – ياجسرُ – أعبُّ أريجَ المشمشِ والرمانْ
خبرّني.. إنْ مرّتْ فوق الجسرِ
تحيي.. المارين
وتسألهمْ عني
وأنا في الخيمةِ……!
كنتُ أحدّثُ "جسّامَ" الجالسَ قربي
.. عن ذاتِ الثوبِ الأزرقِ
.. والكوفةِ
.. والنارنجِ
*
كان ضياءُ القمرِ المتسرّبُ – يا جسرَ الكوفةِ –
من بين شقوقِ الغيمِ…
يذكّرني.. بأغانيها
تسهرُ في الليلِ معي
أحلامُ مدينتنا..
وأزقتُها..
وحدائقُها..
ومصابيحُ شوارعها
فأرى عينيها الشاعرتين
- من بين شقوقِ القلبِ العاشقِ -
تنهمرانِ سنىً…
من فرطِ الوجدْ
فلماذا – يا جسرَ الكوفة ِ– لا ترحمني عيناها في البعدْ
ولماذا حين تمرُّ الريحُ بليلِ ضفائرها
يرتعشُ العطرُ الجوريُّ، بسندانةِ قلبي
.. ويشبُّ الوردْ!
ولماذا حين أغني.. بأسمكِ
تصدحُ كلُّ عصافير العالم في غاباتِ فمي
ولماذا حين أحدّقُ في عينيكِ الضاحكتين
أبصرُ كلَّ مروجِ بلادي، تتماوجُ تحت الشمسِ
…… بلا حدْ!