سماء في خوذة - عدنان الصائغ

أرتبكتُ أمام الرصاصةِ
كنّا معاً في العراءِ المسجّى على وجههِ خائفين من
الموتِ
جمّعتُ عمري في جعبتي.. ثم قسّمتهُ
بين طفلي..
ومكتبي..
والخنادق
(للطفولة يتمي ..
ولا مرآتي الشعرُ والفقرُ..
للحربِ هذا النـزيفُ الطويلُ…
وللذكرياتِ.. الرماد)
وماذا تبقى لكَ الآن من عمرٍ
كنتَ تحملهُ - قلقاً - وتهرولُ بين الملاجيءِ
والأمنياتِ
تخافُ عليه شظايا الزمانِ
قالَ العريفُ: هو الموتُ لا يقبلُ الطرحَ والجمعَ
فأخترْ لرأسكَ ثقباً بحجمِ أمانيكَ
هذا زمانُ الثقوبْ…
أو…
فأهربِ الآنَ من موتكَ المستحيلْ
( - لا مهربٌ…
هي الأرضُ أضيقُ مما تصورتُ
… أضيقُ من كفِّ كهلٍ بخيلٍ…
فمَنْ ذا يدلُّ اليتيمَ على موضعٍ آمنٍ
وقد أظلمَ الأفقُ..
وأسودَ وجهُ الصباحْ)
ولا بأسَ..
كوّمتُ ما قد تبقى من السنواتِ البخيلةِ
ثم اندفعتُ…
- إلى أينَ…؟!
بينكَ والموتِ فوهةٌ لا تُرى
وتساؤل طفلين: "- بابا متى ستعودُ..؟ "
انكفأتُ…
فصاحَ عريفي: هو الوطنُ الآنَ……
فأرتجفَ القلبُ من وهنٍ أبيضٍ
واختنقتُ بدمعةِ ذلي
يا سماءَ العراقِ.. أما من هواءٍ
تلفّتُ..
كانتْ سماءُ العراقِ مثقّبةً بالشظايا
وكانتْ……
تعثّرتُ في صخرةٍ
فرأيتُ حذائي الممزقَ يسخرُ مني…
(- لا بأسَ…
فليكتب المتخمون وراءَ مكاتبهم عن… لحومِ
الوطن)
في غرفةٍ، قبل عشرين
كانتْ ترتّقُ - في وجلٍ – بنطلوني العتيقَ
وتمسحُ ذلتها بالدموع
- أبي، أين يوميتي…؟!
الصحابُ مضوا لمدارسهم…
( الصحابُ مضوا للرصاص
والزمن أصم…)
الصحابُ…
الصحابُ…
الصـ...
سقطتُ…
فلملمني وطني…
وركضنا إلى الساتر الأول
نتحدى معا موتنا
- أيّنا سيخبّيءُ
– يا وطني -
رأسَهُ…؟
ولنا خوذةٌ…
واحدة