طاسلوجة... - عدنان الصائغ

طاسلوجةُ والغربةُ والريحُ… وآخر مصباحٍ يُطفأُ في الليلِ دمي…
هل أغفتْ سيدتي الآنَ؟ … (على الرفِّ مسوّدةُ الديوانِ تئنُّ من البردِ)
وقلبي مازال كأوراقِ الصفصافِ يئنُّ من الريحِ
وهل أسدلتِ الأستارَ الورديةَ؟ (ألتحفُ البطانياتِ الخمسَ،
ولكنَّ البردَ لعينٌ ينسلُّ إليّ، ويحرمني النومَ)
وغيركَ – يا ابن الصائغ – يلتحفُ الـ... !!
يتقلّبُ من ثقلِ التخمةِ..
(ما لكَ والناس
تقلّبْ ماشئتَ من الحرمانِ!...)
وهل تعرفُ سيدتي – اذ تغفو –
لِمَ يبقى المصباحُ الأحمرُ، في ركنِ الغرفةِ
مرتعشاً،
ووحيداً،
يرنو – عن كثبٍ – للثوبِ المحسورِ عن الغاباتِ العذراءِ وينـزفُ...!
(كان النجمُ يلامسُ روحي، يرعى في أعشابِ الجبلِ المتدثّرِ بالثلجِ، ويشربُ – هلْ يظمأُ مثلي؟ - من نبعٍ صافٍ في أقصى القريةِ
تغتسلُ القروياتُ على ضفّتهِ المحفوفةِ بالأشجارِ
ويصغي – من مخبئهِ – لأغانيهنَّ العابثةِ المجنونةِ
أحياناً يتسلّلُ بين الأحجارِ، وئيداً، محترقاً، يلتصُّ النظراتِ إليهنَّ.. ويحلم...!!)...
القرويةُ تخرجُ للمرعى كلَّ صباحٍ
نخرجُ من موضعنا نتدفّأُ بالشمسِ، وننشرُ فوق جذوعِ البلوطِ ملابسنا المبتلّةَ والبطانياتِ...
- صباحَ البهجةِ، فاضل يونس...
ما أحلى شمسَ بلادي
ما أحلى العشبَ ينفّضُ عنه ندى الليلِ
وفي كسلٍ يتمطى، اذْ توقظهُ أقدامُ الجندِ
وما أحلى كركرةَ القروياتِ يطاردنَ الغنمَ السارحَ
أو يحملنَ جرارَ الماءِ الى البيتِ
وما أعذبَ هذا النبعَ المترقرقَ من روحي...
حين يفيضُ قصائدَ حبٍّ تسعُ العالمَ
(كنتُ أحدّثُ هذا الجبلَ العالي عن حالِ الدنيا
فأراه..
في اليومِ التالي، مشتعلاً بالشيبِ كرأسي
قلتُ أما تشجيكَ الدبكاتُ الكرديةُ والزفّةُ والموّالُ المنسلُّ وحيداً، مرتعشاً، من بيتٍ ناءٍ يتغنى لحبيبته في الزفّةِ, باعتْ أحلى خفقاتِ أغانيه بسيارةِ شوفرليت وقصرٍ عالٍ.. آه..)
هَلُمْنَ صبيّاتِ القريةِ
واحملنَ جرارَ الوجدِ إلى بيتِ الشاعرِ، هذا المنفي وحيداً – في طاسلوجةِ – مغترباً
يتغنى بضفائرِ محبوبتهِ "ميم".. وجسرِ الكوفة..
فسينشدكنَّ أغانٍ
لمْ يتغزلْ فيها شيركو بيكه س أو أحمدي خاني!