خَلْقٌ.. وَخَلْق... - معد الجبوري
يومَ أَقْفَرَ وَجْهُ المدينة،
والجوعُ باعَ بِها،
وَاشْتَرَى...
دَبَّ صَوْبَ المدينةِ،
خَلْقٌ عَجيبونَ،
مُثْقَلَةٌ بالنقودِ حَقَائِبُهُمْ،
وجَرَى ماجَرَى...
***
لَمْ أكُنْ شَاهِداً،
مَلأَ الدَّمُ حَلْقِي،
فماذا أَقُولْ؟!
كنتُ أَنْزِفُ بين ضِباعِ الدُّجَى،
وذئابِ الحُقُولْ...
وبِعَيْنَيَّ هاتينِ، كنتُ أرى...
كيفَ يَنْهَشُ في كَبِدِي،
أثرياءُ المدينةِ،
أو أثرياءُ القُرَى...
ويَضِيعُ الدَّلِيلْ...
***
مالَتِ الأَرْضُ،
مَنْ قال: كادَتْ تَمِيلْ؟!
ها أنا،
يَهْبطُ الجوعُ بي،
من سُفُوحِ الذُرَى...
وأماميَ،
يُذْبَحُ طائِرُ عِشقي الجميلْ...
***
ها أنا، يازمانَ السُّرَى...
بالحريقِ الذي شَبَّ فِيَّ،
أُبَدِّدُ عُتْمَةَ لَيْلِي الطويلْ
مرحباً ،
بالعَوَاصِفِ تَجْتاحُنِي،
وَتَرجُّ بِطُوفَانِها،
ماتَكَوَّمَ في قاعِ رُوحيَ،
مِنْ قَرَفٍ،
وعَوِيلْ...
***
آهِ، لو كانتِ الأرضُ تَرْحَلُ،
كُنْتُ رَحَلْتُ،
ولكنني،
ما أزَالُ أجْسُّ حَرَائِقَها،
وَأُزَحْزِحُ عَنْ صَدْرِها،
وَهِيَ تَشْهَقُ،
صَخْرَةَ هَمٍّ ثقيلْ...
يازمانَ السُّرَى...
لم تَزَلْ وَرْدَةُ العشقِ،
بينَ ضلوعِي،
ولِي، فوقَ هذا الثَّرَى..
وطَنٌ للإقَامةِ،
لا للرحيلْ...