أخي ناجي - وحيد خيون
أخي ناجي
                                                                    أتاك وحيدُ في التابوت ِ يجري فوقَ أمواج ِ
                                                                    على متن ِ المياهِ أموتُ من عَطشِي وإحراجي
                                                                    تـَدَبّـرْ هذهِ الكلماتِ يا ناجي
                                                                    أخي ...
                                                                    هل كنتَ تحسَبُ أنـّنا يوما ً سنـَـفترقُ ؟
                                                                    أتاكَ وحيدُ لا سلوى لديهِ و لا بهِ رمقُ
                                                                    أتى ... من حزنِهِ حتى الهواءُ يكادُ يختـَـنِقُ
                                                                    يمدّ ُ يديهِ يشعرُ أنـّهُ زالَ المكانُ ...
                                                                    وراحَ ينزلِـقُ
                                                                    ويهتفُ أينَ أنتم يا أخي ناجي ؟ ويختنـِـقُ
                                                                    ولو لِـلـّـيْـل ِ قلبٌ من هتافٍ ما ... سينفلِـقُ
                                                                    لقد طالَ الفراقُ وطالت الطرقُ
                                                                    وإنّـا مثـلما عُودِ البَخـُور ِ نظلّ ُ نحترقُ
                                                                    بلا جدوى
                                                                    يطيرُ أريجُـنا حول البيوتِ السّـمْـعَ يسْـتـَـرِقُ
                                                                    ويأتينا بأخبارِ الأحِـبّـةِ مثلما نهوى
                                                                    وننسى أنّـنا نمشي بلا جدوى
                                                                    لِـنبحثَ في بقاع ِ الأرض ِ عن جدوى
                                                                    ونغرسَ في الدروبِ نخيلَ (آل ِ شـُمَـيْـسْ)
                                                                    وسِـدرة َ ( آل ِ زيّادِ )
                                                                    فهَـلا ّ تعلمونَ وأنتم الأدرى بميعادي
                                                                    لقد بلغَ النخيلُ حدودَهُ القصوى ؟
                                                                    وماتَ ببعضِـهِ في عيدِ ميلادي
                                                                    شَـرِبْـنا كلّ َ ما في الكأس ِ...
                                                                    وانهالَ الترابُ على أوانينا
                                                                    وقلنا بعدما لعنَ الزمانُ متونَ أهلينا
                                                                    صحيحٌ أننا صرنا شيوخا ً إنّـما قلبُ الشبابِ
                                                                    مُـعَـلـّـقٌ فينا
                                                                    ورحنا نرسمُ الأحلامَ ليلا ً كاملا ً
                                                                    بدماءِ ماضينا
                                                                    ولم نحسُبْ لدهرٍ جارَ أيّ َ حسابْ
                                                                    أتـَذكـُرُ يا صديقي كيفَ تسألـُـني عن الأحبابْ ؟
                                                                    وعن تلك ( الفليحةِ والربابِ
                                                                    وعنْ أحلام ْ)
                                                                    أتـَذكـُرُ يا صديقي هذه الأيامْ ؟
                                                                    أتـَـعلـمُ أننا كنا الجناة َ على أمانينا ؟
                                                                    لقد كنـّـا سكارى غارقينَ ....
                                                                    بجَهْـلِـنا .....
                                                                    والموتُ من كلِّ الجهاتِ يكادُ يأتينا
                                                                    صَحَوْنا ليتنا عدنا سكارى نحملُ الآلامْ
                                                                    ونحتـَمِلُ الجراحَ وسكرُنا من دونِما وَجَع ٍ
                                                                    ولا آثامْ
                                                                    تذكـّـرتُ الصّراخَ وأنتَ عن بُعـْـدٍ تناديني
                                                                    وتعبُرُ زحمة َ الأهوارِ والبردِيِّ والطين ِ
                                                                    لِـتأتيــــــــني
                                                                    وكنتُ أزوُرُ كمْ وتطيرُ تحمِلـُـني وتـُـلـقيني
                                                                    لأنـّـكَ قد ذبَحتَ الديكْ
                                                                    وتنذ ُرُ ديكْ..... للعباس ِ ...
                                                                    لو عادَ الصّدِيقُ لعُـشـِّهِ لو عادَ يأتيني
                                                                    وثمّ تعودُ تسقيني
                                                                    من الشاي ِ المُعَطـّرِ بالهوى والهالْ
                                                                    ومن ماء (العُكـَيْـكـَةِ) كنتَ تسقيني وكان زُلالْ
                                                                    وإنْ كانت بهِ الحشـَراتُ أسرابا ً تـُحَيِّيني
                                                                    وكنتَ تـُسائلُ الأطفالَ عنـّي ...
                                                                    أيها الأطفالْ
                                                                    هذاكَ وحيدْ ............
                                                                    فهلا ّ تعرفونَ الشاعرَ النائي بألفِ سؤالْ ؟
                                                                    هنا في وجهِ هذا الشاعرِ العربيِّ يا أطفالْ
                                                                    كنوزٌ ما عَرَفـْـنا سِرّ َها حتى أتى الزلزالْ
                                                                    عسى ولعلـّـهُ تتفهـّمُ الأجيالُ معناها
                                                                    رسالتـُـكَ التي ترجو كتابتـَـها قرأناها
                                                                    وردّدْنا النشيدَ سويّة ً يا أيها الأطفالْ
                                                                    لا تنسَوْا وحيدْ
                                                                    فكيفَ تنساني ................... ؟
                                                                    أنا للموتِ أ ُمْـسِكُ ذكرَكم بيدي وأسناني