ذرني ونجداً لاحملت نجادي - ابن الزقاق البلنسي

ذرني ونجداً لاحملت نجادي
إنْ لم أَخُطَّ صعيدَهُ بِصِعادِ

وأُخَضْخِضَنّ حشا الظلامِ إلى الدُّمى

وأصافحن سوالف الأجياد

حيث العبير وشى تأرّجه على
مَسْرَى الظباءِ وَمسْرَحِ الأبراد

ولقد مررت على الكثيب فارزمت
فسقتهمُ، حيثُ کرْتمتْ برحالهمْ

ابلي ورجّعت الصهيل جيادي

ما بين ساحات لهم ومعاهد

سقيت من العبرات صوب عهاد

ضربوا ببطن الواديين قبابهم

بين الصوارم والقنا المنآد

والورق تهتف حولهم طرباً بهم

فبكلِّ مَحْنِيَة ٍ ترنمُ شادي

يا بانة َ الوادي كفى حزناً بنا

الا نطارح غير بانة وادي

أين الظباءُ المشرئبَّة ُ بالضحى

في منحناك وأين عهد سعاد

وردوا ومن بعض المناهل أدمعي

ونأوا وبعض الظاعنين فؤادي

ينهل وابلها كما ينهل من

يمنى أبي الفضل الكريم أيادي

الأريحيُّ إلى السماحة ِ مثلما

يرتاحُ للماءِ المروَّقِ صادي

والمعتلي فوق السماك أرومة ً

والمزدري في الحلم بالأطواد

قاضٍ إذا يمَّمْتُ عَدْلَ قضَائِهِ

لم أُعْطِ جَوْرَ الحادثاتِ قِيادِي

متواضع والله يرفع قدره

عنْ أنْ يُقاسَ بسائرِ الأمجاد

ما قُلِّدَ الأحكامَ دونَ تُقى ً وهلْ

يُتَقَلَّدُ الصَّمْصامُ دونَ نِجَاد

طلقُ المحيّا واليدينِ إذا کحتبى

وإذا حبا رحب الندى والنادي

لو أُلِبسَ الليلُ البهيمُ جَلاَلهُ

لم تشتمل أرجاؤه بسواد

طاب الثناءُ تضوُّعاً منهُ على

حسن الشمائل طيب الميلاد

فإذا تنازعنا حديث علائه

سمراً كحلنا أعيناً بسهاد

تُحْدى به الأنضاءُ عندَ لُغُوبها

فتهيمُ بالتأويبِ والإسآد

وإذا الدجى أرخى السدول ورنقت

سِنَة ُ النُّعاسِ بأعْيُنِ الهُجَّاد

نبعهت للإدلاج صحبي فاهتدوا

بضياءِ كوكبِ عَزْمِهِ الوقَّاد

يا غرة الزمن البهيم وعصمت الرّ

جل الطريد ونجعة المرتاد

خُذْ من ثنائي ما يكادُ نظامُهُ

يننسي فصاحة يعرب وإياد

أنا مَنْ تَمَنَّتهُ الملوكُ فلم أُعجْ

منها على ذي طارف وتلاد

ورأت لساني كالسنان ذلاقة

وتذكرته يوم كل جلاد

لولا تزهد همتي في نيلها

لم تخشَ ذاتُ يدي صروفَ نفاد

كُنْ ناصري يا ناصرَ العَليا على

زَمنٍ على أهْلِ البلاغة ِ عاد

الدهرُ لا تصفو مشاربه لنا

إلاّ إذا استشفعتَ لِلوُرّادِ

وبنو الزمان وإن بدا ملق بهم

أضغانُهم كالجمر تحتَ رماد

لا غَرْوَ أنك قد نشأتَ خلاَلهُمْ

قد ينبت النوار بين قتاد

عجباً لمن رام استباقك منهم

أنّى يرومُ العَيْرُ سَبْقَ جواد

جلّ اعتلاؤك أن يساجله علاً

من ذا يُضاهي لجّة ً بِثماد

لا زلتَ تَرفُلُ في سَوابغِ أَنعُمٍ

فضفاضَة ِ الأذيالِ والأبراد

وبقيتَ زيناً للبلادِ ورِفْعَة ً

إن الصوارم زينة الأغماد