ما وصل خرعبة يروق جمالها - ابن شهاب

ما وصل خرعبة يروق جمالها
ويذيب حبات القلوب دلالها

أو شرب جالية الهموم يديرها
لدن القوام مُرَوَّقٌ سلسالها

أو متن أجرد يعتليه مدرب
يسمو به نحو السما فينالها

أسمى وأشرف في نفوس أولي النهى
من رتبة العلم المنيع وصالها

بالعلم تعلو كل نفس حيث لم
تنهض بها أنسابها أو مالها

والجهل يقعد بالشريف وإن سمت
أحسابه فإلى الهبوط مآلها

طوبى لمن طلب العلوم شعارهم
فهي المناقب لا يخاف زوالها

فعليكم بالعلم إن بنوره
للناس يبدو رشدها وضلالها

تلك المدارس سلّم نرقى به
هام العلا وبه يباح حلالها

فتجاذبوا فيها الفنون فتلكم
أم ونعم الأكرمون عيالها

وأخصها دار العلوم فإنها
دار تدين لفضلها أشكالها

منصوبة أعلامها مجرورة
فوق المجرّة رفعة أذيالها

غراء لو درت المدارس كنهها
لتمزّقت حسداً لها أوصالها

هل ذاك إلا من عناية مالك
أيامه مفقودة أمثالها

ملك أشاد معالم العلم التي
مدّت لأهل الخافقين ظلالها

سلطاننا المحبوب من تعنو له
يوم الكريهة خضعاً أبطالها

شرف الملوك بلثمها يده التي
وسع البرية برّها ونوالها

الواهب البدر التي لم يحصها
وزانها عدَّاً ولا كيَّالها

وبهمّة الشهم الوزير وسعيه
قوَال كل جليلة فعّالها

رب السياسة والتدابير التي
لولاه ضاق على الرجال مجالها

وبناظم التعليم من شرعت له
ولبيته ولجدّه أنفالها

أعني عماد الملك نخبة فتية
وطئت ذرى الفلك العلي نعالها

طود العلوم على اختلاف فنونها
كشّاف كل عويصة حلاّلها

متخيّر شم الأساتذة الأولى
بهم زهت دار العلوم وآلها

إن فوَّقوا يوماً سهام قرائح
في مشكل ما لا تطيش نصالها

وجرى التلامذة الكرام بجريهم
تقفو الأسود إذا سرت أشبالها

ولتهن مملكة النظام بعيده
بل كل أهل الأرض ينعم بالها

عيد به ميلاده وجلوسه
فوق الأريكة فاستتبّ كمالها

ذات مقدسة أطال بقاءها
رب السما وسمت بها أنجالها

في عزة أبداً ومجد باذخ
لم تعتور أحوالَها أحوالُها