لاحت لطرفك غادة خطرت - ابن شهاب

لاحت لطرفك غادة خطرت
فأذكت عنبراً بيضاء ناعمة الخدود

سفرت فزحزحت الدجى وسبت محاسنها
الورى تفتر عن شنب برود

متبولها سلت الحجى وعميدها
منع الكرى والعين حرمت الهجود

أضنى المحب جمالها وكسته برداً أصفراً لما تمادت في الصدود

لم ترث عابد حسنها حتى غدا
متحيّراً في الأسر يرسف في القيود

يطوي الموامي جاهلاً يرجو الوصول
وما درى منع الكريم عن الورود

شرع الهوى وبني الهوى كون الغريب
مسخّراً جور به قضت الشهود

أتظن من بعد القلى يا ليت شعري
هل ترى يوماً يعود له السعود

فعسى وليت تعلة أو بالزمان
مبشّراً لمسود أضحى المسود

والدهر يغلب غدره بذوي العلا
متخيّراّ شم الأبوّة والجدود

صبراً وإن أبدى الجفا ولسوف يهزم
مجبراً فالصبر إرغام الحسود

سيتوب عمّا قد جنى متندّماً
حيث اجترى متجاوزاً أقصى الحدود

ومن الغرور لمامه بذمام مرفوع
الذرى بنزيل سلطان الوجود

أسنى الملوك زعيمها عثمان ضرغام
الشرى رب الجحافل والبنود

الآصفيّ أرومة أزكى المنابت
عنصراً وأجل من قاد الجنود

من دوحة المجد انتمى فرع تطاول
مثمراً فشأى وأمعن في الصعود

أقوى الكماة شكيمة أسمى الذوائب
مفخراً ركن الفضائل والعمود

فتاق كل عويصة حلال
معقود العرى وابر موفٍ بالعهود

فهو الكمال مشخصاً وهو الجمال
مصوراً وخلاله كرم وجود

أحيا الفنون ودرسها زند العلوم
به ورى وبه انجلت ظلم الجمود

فصل الخطاب كلامه مهما تعالى
منبراً يرضى المسالم والعنود

وإذا تصدر خاطباً ألقى البيان
محبراً درٌّ ينسق في العقود

غمر البلاد مواهباً عمر المدائن
والقرى وحمى بهيبته الحدود

أعطى فأنسى حاتماً ونداه
أخجل جعفراً فهو السحاب إذا يجود

كهف العفاة ثمالهم سيب النوال
إذا انبرى يهب الجوائز للوفود

لف الكتائب شأنه مهما يجهز
عسكراً بالفتح مبتهجاً يعود

ملك بمشتجر القنا دحر العدو
القهقرى عن حوض منصبه يذود

ثبت الجنان مغامر سر الجدود
به سرى أسدٌ فرائسه الأسود

يفشي السلام مسالماً ولدى الكريهة
قسوراً ولمن أناب أب ودود

يعطي الحوادث قسطها لمن اجتدى
ومن اجترى فعلاته بيض وسود

عدل يسوسُ به الورى هذا الحسام
وذا القرى للمستقيم وللجحود

كبت الإله خصومه لا زال غيظ
من امترى وأذلهم ذل اليهود

وزهت به أيامه متمكناً
ومظفراً ولملكه كتب الخلود

باليمن مقرون المدى وبنيه
أقمار السرى في أوج دائرة السعود

وليهن مع أشباله داموا ملاذاً
للورى سخنت بهم عين الحسود

ما شيم عارض غيمة أبداً وما
برق شرى وتلته جلجلة الرعود

يا ابن الملوك ذوي الندى يا ابن المصاحب
في حرى سمعاً لنا درة الوجود

قابل نتيجة فكرتي وَافَتْكَ خودٌ
تشترى بقبولها لا بالنقود

واصخ لها عربية تهدى الثناء
معطراً من كل قافية شرود

تذر الفرزدق خاضعاً ولهها يقر
الشنفري ويطيل عنترة السجود