عودٌ على بدء - كريم معتوق

ها تعيدين سنيني بعد عشرين سنةْ
بفمي منها بقايا
وبعينيَّ حديثُ الأمكنةْ
هل ترى عدنا
أم امتدَّ حنيني
فتشظى من غبار الأزمنةْ ؟
وعلى كفيَّ يخضرُّ حديثٌ
لغةٌ دارجةٌ ، شعرٌ مقفى
أغنياتٌ معلنةْ
ها هنا أنتِ تعيدينَ بعنفٍ
ما تناسيتُ من الأمسِ
فقد مرَّ زمانٌ كلُّ شيءٍ ممكنٌ فيه
سوى عودته الأولى ،
تراها ممكنةْ ؟
ما تمنيتُ وعادتْ
ربما عادتْ على كفيكِ كي تأخذني
مما أنا فيه من الخوفِ
ومن كلِّ الحكايا المحزنةْ
فلكم مرَّ على القلبِ ضحايا
من قلوبٍ سفحتها آفةُ التغييرِ ،
مقتُ الرهبنةْ
فاستعدي ..
ها أنا منتبهٌ حدَّ الخلايا
ومقيمٌ ثابتٌ حدَّ الوصايا
فانثري سوسنةَ الحبِّ لتزهو سوسنةْ
وارفعي سقفَ أغانيكِ
أعيديني لجرمِ الأغنياتِ ، الرائعاتِ
الصادقاتِ ، السلطنةْ
ودعي لي لحنَ ما أختارُ منها
من مقاماتٍ تثيرُ الوجعَ المكتظَّ بالحسنى
دعي لي الدندنةْ
لم تعدْ بي شهوةُ الذكرى لمن مرَّوا
ولا سردُ الأحاديثِ وعن كانتْ
وعن قالتْ وعن جاءتْ وعن غابتْ
كرهتُ العنعنةْ
أكتفي منكِ بهذا القدرِ من حبٍّ
ومن إعجابك الرائعِ
إن ناديتِ يا شاعرُ
تكفيني الحروفُ الليَّنةْ
ومن اللثغةِ في حرفينِ
إن شئتِ ثلاثاً
لستُ معتداً بعلم الألسنيَّاتِ وعلمِ اللثغنةْ
ومن اللثغةِ إن غيرتِ حرفَ الراءِ بالغينِ
وناديت : ( كَغيمٍ )
لستُ معتداُ بحرف الراءِ
مزهواً بما أنتِ به من أنسنةْ
****
تعبَ القلبُ وحقٌ أن أراعيهِ
وأن يعرف من بعد اغترابٍ مسكنهْ
ويواري خوفهُ حيناً
يواري مرةً رُعبَ انتظارٍ طالَ
يختاركِ أضلاعاً تداريهِ
ليلقى مأمنهْ
ها تعيدين سنيني بعد عشرين سنةْ
بعد أن ماتتْ بقلبي ذكرياتٌ
وهوىً غادرَ لم نبكِ كثيراً
لم نجدْ قبراً نواريهِ
تراضينا من النسيانِ قبراً
وتراضيناهُ لما كفَّنهْ