الحقُ أبلجُ واضحُ المنهاجِ - ابن عبد ربه

الحقُ أبلجُ واضحُ المنهاجِ
والبدرُ يُشرقُ في الظلامِ الداجي

والسيفُ يعدلُ مَيلَ كلِّ مخالفٍ
عَميتْ بصيرتُهُ عنِ المنهاجِ

وإذا المعاقلُ أُرتجتْ أبوابُها
فالسيفُ يفتحُ قُفْلَ كلِّ رِتاجِ

نشرَ الخليفة ُ للخلافِ عزيمة ً
طَوتِ البِلادَ بجحفَلٍ رَجراجِ

جيشٌ يلفُّ كتائباً بكتائبٍ
ويضمُّ أفواجاً إلى أفواجِ

وتراهُ يأفرُ بالقنابلِ والقَنا
كَالبحرِ عندَ تَلاطُمِ الأمواجِ

متقاذفُ العِبْريَنِ تخفقُ بالصَّبا
راياتُه، مُتدافعُ الأمواجِ

من كلِّ لاحقة ِ الأباطلِ شُدَّفٍ
رحبِ الصدورِ أمنية ِ الأثباجِ

وترى الحديدَ فتقشعرُّ جُلودُها
خوفَ الطِّعانِ غداة َ كلِّ نِهاجِ

دهمٌ كأَسدفة ِالظلامِ،وبعضها
صفرُ المناظرِ كاصفرارِ العاجِ

من كلِّ سامي الأَخْدعَينِ كأنَّما
نِيطتْ شكائمُهُ بجذعِ الساجِ

لما جفلْنَ إلى ”بلاي” عشيَّة ً
أقْوتْ معاهدُها منَ الأعلاجِ

فكأنَّما جاستْ خلالَ ديارهمْ
أُسدُ العرينِ خَلَت بِسربِ نِعاجِ

ونَجا ابنُ حفصونٍ، ومَن يكنِ الرَّدى
والسيفُ طالبُهُ فليسَ بناجِ

في ليلة ٍ أسْرتْ به، فكأنما
خِيلَتْ لديهِ ليلة َ المعراجِ

ما زالَ يلقحُ كلَّ حربٍ حائلٍ
فالآنَ أَنتجها بشرِّ نتاجِ

فإذا سألتَهُمُ: مَواليَ مَنْ همُ 
قالوا: مواليَ كلِّ ليلٍ داجِ

ركبَ الفِرارُ بعُصبة ٍ قد جرَّبوا
غِبَّ السُّرى وعواقبَ الإدلاجِ

وبقية ٌ في الحصنِ أُرتجَ دونَهمْ
بابُ السلامة ِ أيَّما إرتاجِ

سُدَّتْ فِجاجُ الخافقينِ عليهمُ
فكأنَّما خُلقا بغيرِ فِجاجِ

نَكصتْ ضلالتهمْ على أعقابها
وانصاع كفرُهمُ على الأدراجِ

مَن جاء يسألُ عنهمُ من جاهلٍ
لم يروَ سَغباً من دمِ الأوداجِ

فأولاكَ همْ فوقَ الرَّصيفِ وقد صَغا
بعضٌ إلى بعضٍ بغيرِ تَناجِ

رَكبوا على بابِ الأميرِ صوافِناً
غَنِيتْ عن الإلجامِ والإسراجِ

أضحى كبيرُهمُ كأنَّ جَبينَهُ
خضبتْ أسرَّته بماءِ الزّاجِ

لما رأى تاجَ الخلافة ِ خانهُ
قامَ الصليبُ لهُ مقامَ التَّاجِ

هذي الفتوحاتُ التي أَذكتْ لنا
في ظُلمة ِ الآفاقِ نورَ سِراجِ