الوطن المفدى - إبراهيم العريض

سَقَتِ الغادياتُ أرضاً رعتْني
طاب للظبي في رُباها المقامُ

ورعى اللهُ تربةً أنشأتْني
وعهودُ الصِّبا بها أحلام

خلعتْ حسنَها عليها الليالي
وازدهتْ في ظلالها الأيام

وعليها تناثرتْ دُرَرُ القَطْـ
ـرِ انتشاراً وانحلّ ذاك النِّظام

إن غصناً أطلَّ في القلب غَنّى
فوقه بلبلٌ وناح حَمام

كلّما اهتزّ جانبُ القلبِ للذِّكْـ
ـرى، فللوجدِ فوقه أنغام

ساقني موطني على البعد شوقَ الطْـ
ـطَيْرِ للظلّ قد براه الأُوام

والمهى للمروج والأرضِ للغَيْـ
ـثِ إذا أمحلتْ وماج القَتام

جئتُها والخشوعُ ملءُ ضلوعي
بعد أن عُلّلتْ بها أعوام

فرأتْ من خلال دمعيَ عيني
أثراً للذين في الربع ناموا

طَللٌ قد ضحكنَ فيها الأماني
فَهْي بَضّاء ليس فيها مَلام

فاخلعِ النعلَ إنها تربةٌ بُو
رِكَ في نَبْتها سقاها الغمام

تربةٌ قد تَسلسلَ الماءُ من تَحْـ
ـتِ رُباها تَزينها أعلام

لفحتْها الرياحُ والشمسُ حمرا
ءُ ، كلون الزجاجِ فيها الـمُدام

خُضرةٌ فوق حمرةٍ قد جلتْها
صُفرةٌ فوقها خفقنَ الخِيام

وعُقودٌ من اللآلئ يَهديـ
ـها لِــجِيد الحسانِ بحرٌ طغام

عَلِقتْها نفسي شباباً وبُرْدُ الْـ
ـعَيْشِ غَضٌّ فطاب فيها الغرام

لا أرتْني الحياةُ بعدَكِ أرضاً
موطنَ الدُّرِّ لا علاكَ مقام

تلك أرضُ الجدودِ أرضُ أَوالٍ
حلّ مغناكِ نَضْرةٌ وسلام