لَواعِجُ الحُبِّ أُخفيها وَأُبديها - الأبيوردي

لَواعِجُ الحُبِّ أُخفيها وَأُبديها
والدَّمْعُ يَنشُرُ أَسْراري وَأَطْويها

وَلَوْعَة ٌ كَشَباة ِ الرُّمْحِ يُطْفِئُها
تَجَلُّدي وَأُوارُ الشَّوقِ يُذكيها

إِحْدى كِنانَة َ حَلَّتْ سَفْحَ كاظِمَة ٍ
غَداة َ سألَ بِظُعْنِ الحَيِّ واديها

فَلَسْتُ أدري أَمِنْ دَمْعٍ أُرَقْرِقُهُ
أَمْ مِنْ مَباسِمِها ما في تَراقيها

ذَكَرْتُ بِالرَّمْلِ مِنْ حُزْوَى رَوادِفَها
وَالعَيْنُ تَمْرَحُ عَبْري في مَغانيها

بحيثُ تَرشَحُ أُمُّ الخِشْفِ واحِدَها
على مَذانِبَ تَرْعى في مَحانيها

دارٌ على عَذَباتِ الجِزْعِ ناحِلَة ٌ
تُميتُها الرِّيحُ والأَمطارُ تُحْييها

حَيَّيْتُها وَجُفونُ العَيْنِ مُتْرَعَة ً
بِأَدْمُعٍ رَسَبَتْ فيها مَآقيها

وَقَلَّ لِلدّارِ منّي مَدْمَعٌ هَطِلٌ
وَعَبْرَة ٌ ظَلْتُ في رُدْني أُواريها

فقد نَضَوْتُ بِها الأَيَّامَ ناضِرَة ً
تُغْني عَنِ السَّحَرِ الأَعْلى لَياليها

أَزْمانَ أَخْطِرُ في بُرْدَيْ هَوى ً وَصِباً
بِلِمَّة ٍ يُعْجِبُ الحَسْناءَ داجيها

فَانْجابَ لَيْلُ شَبابٍ كنتُ آلَفُهُ
إذ لاحَ صُبْحُ مَشيبي في حَواشيها

يا سَرْحَة َ القاعِ رَوَّاكِ الحَيا غَدَقاً
مِنْ دِيمة ً هَطَلَتْ وُطْفاً عَزاليها

زُرْناكِ وَالظِّلُّ أَلْمى فَاسْتُريبَ بِنا
ولم يُنِخْ عِنْدَكِ الأَنْضاءَ حاديها

وَمَسْرَحُ المُهْرَة ِ الدَّهْماءِ مُكْتَهِلٌ
لَوْ كانَ بِالرَّوْضَة ِ الغَنَّاءِ راعيها

لَوَيْتُ عَنْهُ عِناني وَهْيَ تَجْمَحُ بي
وَالبيضُ مُرْتَعِداتٌ في غَواشيها

مُهْرَ الفَزارِيِّ غُضَّ الطَّرْفَ عن نُغْبٍ
يُروي بِها إبِلَ العَبْسِيِّ ساقيها

فقد نَمَتْكَ جيادٌ لا تُلِمُّ بِها
حَتّى تَرى السُّمْرَ مُحْمَرّاً عَواليها

كَأَنَّ آذانَها الأَقلامُ جارِيَة ً
بِما نبا السَّيْفُ عَنْهُ في مَجارِيها

منها النَّدى وَالرَّدى فالمُعْتفونَ رَأَوْا
أَرْزاقَهُمْ مَعَ آجالِ العِدا فيها

بِكَفِّ أَرْوَعَ لَمْ يَطْمِحْ لِغايَتِهِ
ثَواقِبُ الشُّهُبِ في أَعْلى مَساريها

يُمْطي ذُرا الشَّرَفِ العاديِّ هِمَّتَهُ
مُلْقى ً على الأَمَدِ الأَقصى مَراسيها

ذو سُؤْدَدٍ كَأَنابيبِ القَنا نَسَقٍ
في نَجْدَة ٍ من دماءِ الصِّيدِ تُرْويها

يُزْهى بِها الدَّهْرُ وَالأيّامُ مُشْرِقَة ٌ
تَهُزَّ في ظِلِّهِ أَعْطافَها تيها

وَعُصْبَة ٍ مُلِئَتْ أَسْماعُهُمْ كَلِماً
ظَلِلْتُ أَخْلُقُها فيهِمْ وَأَفْريها

أُوطَأْتُهُمْ عَقِبي إذ فُقْتُهُمْ حَسَبا
بِراحَة ٍ يَرْتَدي بِالنُّجْحِ عافيها

فَقُلِّدَ السَّيْفَ يَوْمَ الرَّوْعِ طابِعُهُ
وَأُعطيَ القَوْسَ عِنْدَ الرَّميِ باريها

أَرى أُهيلَ زماني حاوَلوا رُتَبي
وَلِلِنُّجومِ ازوِرارٌ عَنْ مَراقيها

وَلِلصُّقَورِ مَدى ً لا تَرْتَقي صُعُداً
إليهِ أَغْرِبَة ٌ تَهْفو خَوافيها

لولا مَساعيكَ لم أَهْدِرْ بِقافِيَة ٍ
يكادُ يَسْتَرْقِصُ الأَسْماعَ راويها

إذا وَسَمْتُ بِكَ الأَشْعارَ أَصْحَبَ لي
أَبِيهُّا فيكَ وَانْثالَتْ قَوافيها