أكوكبٌ ما أرى يا سعدُ أمْ نارُ - الأبيوردي

أكوكبٌ ما أرى يا سعدُ أمْ نارُ
تَشُبُّها سَهْلَة ُ الخَدَّيْنِ مِعْطارُ

بَيْضاءُ إِنْ نَطَقَتْ في الحَيِّ أَو نَظَرَتْ
تقاسمَ السِّحرَ أسماعٌ وأبصارُ

وَالَّركْبُ يَسْرُونَ وَالظَّلْماءُ عاكِفَة ٌ
كأنَّهمْ في ضميرِ اللَّيلِ أسرارُ

فَأَسرَعُوا وَطُلَى الأعناقِ ماثِلَة ٌ
حيثُ الوَسائِدُ للنُّوّامِ أَكْوارُ

لَمَّا أَتَوْها وَحَيَّوْا مَنْ يُؤَرِّثُها
ردَّ التَّحيَّة َ منْ يشقى بهِ الجارُ

غيرانُ تكنفهُ جردٌ مطهَّمة ٌ
وغلمة ٌ منْ شبابِ الحيِّ أغمارُ

وقالَ منْ هوُّليَّاءِ الرُّكيبُ وما
يبغونَ عنديَ ؟ لا آوتهمُ دارُ

وَراعَهُمْ مارَأوْا مِنْهُ وَليسَ لَهُ
دمٌ عليهمْ ولا في قومهمْ ثارُ

فَقُلتُ أَنضاءَ أَسفارٍ عَلى إبلٍ
ميلِ الغواربِ أنضتهنَّ أسفارُ

تمجُّ أخفافها والأينُ يثقلها
دماً لهُ في أديمِ الأرضِ آثارُ

وَفَوْقَها مِن قُرَيْشٍ مَعْشَرٌ نُجُبٌ
بِيضٌ شِدادُ حُبا الأَحلامِ أَخيارُ

فَقالَ لَسْتُ أُبالي يا أَخا مُضَرٍ
أأنجدوا في بلادِ اللهِ أمْ غاروا

سيروا فسرنا ولي دمعٌ أكفكفه
خَوفَ العِدَا، وَهوَ في رُدْنَيَّ مِدْرارُ

وَحَلَّقَتْ بفؤادِي عندَ كاظِمة ٍ
ليلَ النَّقا من عتاقِ الطَّيرِ أظفارُ

بِهِ عَذارَى تَبُزُّ اللَّيلَ ظُلمتهُ
بأوجهٍ هيَ في الظَّلماءِ أقمارُ

غيدٌ قصارُ الخطا إنْ واصلتْ قصرتْ
فلمْ تطلْ لليالي الصَّبِّ أعمارُ

أصبو إليهِ كما أصبو إلى وطني
فلي لديهِ لباناتٌ وأوطارُ

زرَّ الرَّبيعُ عليهِ جيبهُ وسرى
إليهِ مُزْنٌ لِذَيْلِ الخِصْبِ جَرّارُ

وظلَّ يكسوهُ منْ نوّارهِ حللاً
تنيرهنَّ وتسديهنَّ أمطارُ