همومٌ نوى البرءُ منها ارتحالا - حيدر بن سليمان الحلي

همومٌ نوى البرءُ منها ارتحالا
فلا تبعث الداء إلا عضالا

وطفلُ الأسى لم يجدْ من رضاع
حشا حالب الفضل يوماً فصالا

عفاءً على الدهر من ناقصٍ
على الكاملين تجنّى خبالا

أجال عليهم خيول الخطوب
ولو مثلّت لاستقالوا قبالا

ولو عرف الدهرُ قدر الكرام
لكفَّ غداتئذٍ ما أجالا

غزاني بملمومة النائبات
وعاد بإنسان عيني نفالا

فروَّع سمعي بصوت النعيّ
ورنَّق من صفو وردي سجالا

فبتُّ وفي مقلتي عائرٌ
حمى جفنها بالكرى الاكتحالا

وقائلة ليس سمعي لها
وبعضُ المقال أراه محالا

أجدّك من عاتبٍ ما تزال
تذمُّ من الدهر هذي الخصالا

أقلْ عثرة َ الدهر أو لا تقل
فليس يبالي بأن لا يقالا

أتجزع للبين مستثقلاً
وأنت حجى ً تستخف الجبالا؟

تماسكْ ولا تبذل أدمعاً
حماها وقارُك عن أن تذالا

فقلت وعيني أسى ً تستهلُّ
كمحتفل الودق مرخي العزالا

أآمنة السرب كّفى الملامَ
ضلالاً لرأيكِ منّي ضلالا

فما نفحة ٌ من رياض الصبا
لها أرجٌ للقلوب استمالا

بأطيب من تربة ٍ ضمّنتْ
على رغم أنفى منِّي هلالا

نشدتكَ يا دهرُ ألاّ أعرتَ
مسامعك اليوم مني مقالا

أعن سفهٍ منك للأكرمين
تركَّبُ غدركَ حالاً فحالا

وتزجى الخطوب ثقالاً لكي
لهم تستخفُ حلوماً ثقالا

وأنّى يزاول نملُ القرى
جبالَ شرورى فتخشى زيالا؟

وتعجم يا دهرُ في ما ضغيك
من عود علياهم ما استطالا

وهل زبرة ٌ عضها أدردٌ
فآثر أو نال منها منالا

تعلّم لك السوء من ناقصِ
عدا طوره وتمنّى محالا

بأنّ الأماجد صبرٌ ولو
بدهتهم بالخطوب اغتيالا