يا رواق العُلى فقدت وقوراً - حيدر بن سليمان الحلي

يا رواق العُلى فقدت وقوراً
ألف الحلمَ واصطفاه سميرا

فيك قد أسكت الردى منه فحلاً
طالما قد ملا النديِّ هديرا

وأرانا الفتورَ في جفن صلٍّ
حين أرخى الجفونَ منه فتورا

إنما أنت غابُ عزٍّ أصابت
أسهمُ الحتف منك ليثاً هصورا

قد تخلّى سرادقُ المجد ممّن
تخذ العزَّ حاجباً وخفيرا

قبروا منه في الصعيد أخا السيـ
ـف لساناً عضباً وعزماً طريرا

وغداً ينشرون منه مزاياً
كلُّ نادٍ بها يضوع عبيرا

يا لها عثرة جنتها الليالي
عاد جدُّ الفيحاء فيها عثورا

نكبة ٌ صغَّرت جميعَ الرزايا
كان ذنب الزمان فيها كبيرا

قلْ لفيحاء بابلٍ كابديها
لوعة ً في القلوب تبقى دهورا

وأطيلي العويلَ حزناً على من
ردَّ باعَ الأيام عنكِ قصيرا

كان فيه بك الهجيرُ أصيلاً
فأعيدي له الأصيلَ هجيرا

بزفيرٍ يُحمى به التربُ حتى
تطأ التربُ من لظاه سعيرا

يا دفيناً على ثراه المعالي
تركت قلبها يكوس عقيرا

وسدّوا خدَّك الكريم بلحدٍ
عاد في طيبه ثراه عطيرا

حقَّ لي فيك أن أعزَّي القصورا
وأهنّي بك الثرى والقبورا

هذه أظلمتْ لفقدك حزناً
وغدت تلك فيك تشرق نورا

قد عددناك في الجبال ولكن
لم نخل بل سيرها أن تسيرا

بك لم يرفعوا سريرَك إلا
ولك الحورُ قد نصبن السريرا

لم أخل قبل أن أراك دفيناً
ان ملحودة توارى ثبيرا

إن تفرغت للبلى فلعمري
من أعاديك قد ملأت الصدورا

أو طواك الردى فذكرك باقٍ
ليس ينفكُّ طيباً منشورا

لك لولا «محمدٌ» أيُّ ثلمٍ
في العُلى سدُّه يكون عسيرا

قطبُ مجدٍ كفاه إنَّ رحى الحمد
على غير قطبها لن تدورا

كم جلا للعيون طلعة وجدٍ
طبعت في السما الهلالَ المنيرا

أسر الحلمُ نفسه وسواه
لهوى النفس لا يزال أسيرا

ماجدٌ ينقل المكارمَ لكن
وأرث لا كغيره مستعيرا

فهو يروي مرشحاً لبنيه
عن أبيه حديثها المأثورا

ألمعيٌّ بغوره سبر الدهـ
ـرَ وما كان غورُه مسبورا

ولكم راض صعبة ً لو سواه
راضها رأيه لزادت نفورا

حلَّ داراً للمجد لم تلد العلياءُ
فيها إلا الأبيَّ الغيورا

لكِ يا دار ما وجدنا نظيراً
زدتِ فضلاً على الديار كثيرا

شادكِ الماجدُ الأغرُّ «شبيبٌ»
للمعالي وفيك أسنى الحبورا

وبك استودع النهى من بنيه
أرحب الناس في الخطوب صدورا

فاخرى الزهرَ كلَّها بوجوهٍ
زهرت في العُلى فكانت بدورا

واستطيلي على الأثير بقومٍ
شرفاً صيَّروا ثراك الأثيرا

معشرٌ كلُّهم عرانين مجدٍ
ينشر الحيُّ منهم المقبورا

فلهم من «محمدٍ» شمسُ فخرٍ
كلما استحجبت تزيد سفورا

يا قريع الزمان عزما وحزما
وذكا المجد بهجة ً وسفورا