أطعتُ داعي الهَوى رَغماً على العاصِي، - صفي الدين الحلي

أطعتُ داعي الهَوى رَغماً على العاصِي،
لمّا نزلنا على ناعورة ِ العاصِي

وباتَ لي بمغاني أهلِها، وبها
شُغلانِ عن أهلِ شَعْلانٍ وبَغْراصِ

والرّيحُ تَجري رُخاءً فوقَ جَدوَلِها،
والطّيرُ ما بَينَ بَنّاءٍ وغَوّاصِ

وقد تلاقتْ فروعُ الدوح، واشتبكتْ
كأنذما الطيرُ منها فوقَ أقفاصِ

تدارُ ما بيننا حمراُ صافية ً،
كانتْ هَدايا يَزيدٍ من بَني العاصِ

مع شادنٍ ربّ أقراطٍ ومنطقة ٍ؛
وقَينَة ٍ ذاتِ أحجالٍ وأخراصِ

تدنيهِ كفّي، فيثني جيدهُ مرحاً،
كأنّهُ جُؤذَرٌ في كفّ قَنّاصِ

وكم لدينا بها شادٍ وشادية ٍ
تشجي، وراقصة ٍ تعصو ورقاصِ

إذا ثناها نسيمُ الرقصِ من مرحٍ،
عجبتَ من هزّ أغصانٍ وأدعاصِ

يا قاطعَ البيدِ يطويها على نجبٍ،
لم تبقِ منها الفيافي غيرَ أشخاصِ

إذا وردتَ بها شاطي الفراتِ، وقد
نكّبتَ عن ماءِ حَورانٍ وقيّاصِ

وجُزتَ بالحِلّة ِ الفَيحاءِ مُلتَمِحاً
آرامَ سِربٍ حَمتَها أُسدُ عيّاصِ

فقفْ بسعديها المشكورِ منشأهُ،
سعدِ بنِ مزيَدَ لا سَعدِ بنِ وَقّاصِ

واقرَ السلامَ على من حلّ ساحتهُ،
وصِفْ ثَنائي وأشواقي وإخلاصِي

واخبرْ بأنّي، وإن أصبحتُ مبتنياً
مجداً وأغليَ قدري بعدَ إرخاصِي

صابٍ إلى نحوِكم صَبٌّ بحبّكمُ،
محافظُ الودّ للداني وللقاصِي