خليلي إِما مت يوماً وزحزِحت - المتلمس الضبعي

خَليلَيَّ إِمّا مُتُّ يَوماً وَزُحزِحَت
مَناياكُما فيما يُزَحزِحُهُ الدَهرُ

فَمُرّا عَلى قَبري فَقُوما فَسَلِّما
وَقُولا سَقاكَ الغَيثُ وَالقَطرُ يا قَبرُ

كَأَنَّ الَّذي غَيَّبتَ لَم يَلهُ ساعَةً
مِنَ الدَهرِ وَالدُنيا لَها وَرَقٌ نَضرُ

وَلَم تَسقِهِ مِنها بِعَذبٍ مُمَتِّعٍ
بَرُودٍ حَمَتهُ القَومَ رَجراجَةٌ بِكرُ

وَلَم يَصطَبِح في يَومِ حَرٍّ وَقِرَّةٍ
حُمَيّا فَدَبَّت في مَفاصلِهِ الخَمرُ

وَلَم يَرُعِ العِيسَ الكَوانِسَ بالضُحى
بِأَسرارِ مَولِيٍّ أَلِدَّتُهُ صُفرُ

لَسَسنَ بُقولَ الصَيفِ حَتّى كَأَنَّما
بِأَلسُنِها مِن لَسِّ حُلَّبِها الصَقرُ

وَلَم يَمدَحِ القَرمَ الهُمامَ بِكَفِّهِ
لَطائِمُ يُسقَى مِن فَواضِلِها القَفرُ

رَمى نَحوَهُ في الناسِ وَالناسُ حَولَهُ
وَذو يَسرَةٍ عِلبٌ مَناكِبُهُ سُعرُ

وَمَأطورَةٌ شَدَّ العَسيفانِ أَطرَها
إِساراً وَأَطراً فَاِستَوى الأَطرُ وَالأَسرُ

تُرامِقُهُ المِقلادُ حَتّى تَمَكَّنَت
إلَيهِ طَوالَ البابِ مَرَّدَهُ الجَدرُ

فَخافَ وَقَد حَلَّت لَهُ مِن فُؤادِهِ
مَحَلَّ جَليلِ الشَأنِ قَدَّمَهُ الأَمرُ