لقد أصبحتْ دُنياكَ، من فَرطِ حُبّها، - أبوالعلاء المعري

لقد أصبحتْ دُنياكَ، من فَرطِ حُبّها،
تُرينا كثيراً، من نوائبها، نَزْرَا

ولو ظَهرتْ أحداثُها لَسمِعتَها
تَغَيَّظُ، أو عايَنْتَ أعيُنَها خُزْرا

تُواصِلُنا رَمياً، وتوسِعنا أذًى،
وتَقتُلُنا خَتْلاً، وتَلْحَظُنا شَزْرا

ولا رَيبَ عندَ اللُّبّ في أنّ خيرَها
بكيٌّ، وإنْ أمسَتْ مصائبُها غُزرا

وقد جَهّزَتْ للعَقلِ راحاً تَغولُه،
فدَعْها ولا تَشرَبْ طِلاءً، ولا مِزرا

ولو أنّها جَلاّبةُ العَفوِ خِلتُها
حَرَاماً، فأنّى وهيَ تجتلبُ الوِزرا

إذا زارتِ الشَّربَ المراجيحَ هتّكتْ
فلم تَتّرِكْ فيهمْ إزاراً ولا أزرا