شَعرٌ، كَساهُ الدّهرُ صِبغَةَ حاذِقِ، - أبوالعلاء المعري

شَعرٌ، كَساهُ الدّهرُ صِبغَةَ حاذِقِ،
لوناً، أقامَ بحالِهِ لم يَنصُلِ

شَبَحي، وإنْ نِلتُ الثّرَيّا، للثّرى
طُعْمٌ، وعُنصُرُ خَيرِنا كالعُنصُل

والنّاسُ كلُّهُمُ بَغَى ما فاتَهُ،
وغَدا يُحاوِلُ مَطلَباً لم يَحصُل

مُتَنَصِّلٌ من غيرِ ذَنبٍ فيهِمُ،
وأخو ذُنوبٍ ليسَ بالمُتَنَصِّل

لو خُيّروا بَينَ الحَياةِ وغيرِها،
ما كانتِ الدّنيا اختيارَ مُحَصِّل

وأرى الفَتى بلَغَ المَكارِمَ والعُلا
بالحَظّ، لا بسِنانِهِ والمُنصُل

جِسمٌ يذُمُّ النّفسَ، وهيَ تَذمُّهُ،
في مُجمَلٍ، من أمرِها، ومُفَصَّل

يَتَقاطَعونَ، وفي القَطيعةِ راحةٌ،
من بؤسِ عيشٍ، بالأذاةِ، مُوَصَّل

تَلقى النّفوسُ حُتوفَها من مُظلِمٍ،
أو مُصبحٍ، أو مُظهِرٍ، أو مؤصِل

فكأنّ رُوحَكَ لم يَحُلّ بشَخصِهِ،
والرّاح ما دَبّتْ لهُ في مَفْصِل